للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي: أَتَشْهَدُ هَكَذَا؟ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ هَكَذَا أَشْهَدُ، يَكُونُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي الْإِفَادَاتِ الْوَاقِعَةِ لِمُجَرَّدِ اسْتِكْشَافِ الْحَالِ كَاسْتِشْهَادِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْأَخْبَارِ) .

يَجِبُ فِي الشَّهَادَةِ ذِكْرُ لَفْظِ " أَشْهَدُ " سَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ قَدْ وَرَدَتْ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ ثَابِتًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ (لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ) فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (١٦٨٢) (الزَّيْلَعِيّ) .

فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ عَلَى الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ بَلْ قَالَ: أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ فَقَطْ، أَوْ أُخْبِرُ بِذَا أَوْ أَنَّنِي أَجْزِمُ وَأَتَيَقَّنُ أَنَّ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ هُوَ كَذَا؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ بَلْ أَخْبَرَ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى عِلْمِ الْيَقِينِ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ فَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ وَلَا يَكُونُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ (الزَّيْلَعِيّ) .

كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا شَهِدْنَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلرِّجَالِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (١٦٨٥) أَنْ يَذْكُرْنَ فِي شَهَادَتِهِنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ إفَادَتَهُنَّ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ فَيُتَحَرَّى فِيهَا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كَالْحُرِّيَّةِ وَمَجْلِسِ الْحُكْمِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٦٨٣) .

وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا، فَيَحْسُنُ بِالْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ قَائِلًا: هَلْ تَشْهَدُ هَكَذَا؟ فَإِذَا سَأَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَجَابَهُ الشَّاهِدُ: نَعَمْ أَشْهَدُ هَكَذَا فَيَكُونُ الشَّاهِدُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَ يَضْطَرِبُ بَعْضًا مِنْ مَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِكَذَا، يَقُولُ: أَعْرِفُ كَذَا، فَتَلْقِينُ الشَّاهِدِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فِيهِ إحْيَاءٌ لِلْحَقِّ. أَمَّا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَلْقِينُ الشَّاهِدِ بِاتِّفَاقٍ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ يَجِبُ رَدُّهَا حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٧٠٨) فَإِذَا قَالَ الْقَاضِي لِلشُّهُودِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتَفَرَّسَ الشُّهُودُ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي هَذَا، وَقَالُوا: نَعَمْ إنَّ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي كَانَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَشْهَدُ أَنَّ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ فِي الْقَضَاءِ) . وَعِبَارَةُ هَكَذَا، مِنْ جُمْلَةِ " أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ هَكَذَا " كِنَايَةً عَنْ الْمَشْهُودِ بِهِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ عَلَى الشَّهَادَةِ الْأُولَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ كَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبِي؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبِي فَعَلَى الْقَاضِي عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا حَسَّ خِيَانَةَ الشَّاهِدِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ أَنْ يُكَلِّفَهُ التَّفْسِيرَ وَإِذَا لَمْ يُحِسَّ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَيُحْكَمُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيِ الْهِنْدِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>