للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ عَادِلُونَ أَوْ إنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَيَّ جَائِزَةٌ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ.

٢ - فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ طَعَنَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطْلَبُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (وَلِذَلِكَ مُسْتَثْنًى) فَإِذَا أَثْبَتَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (وَلِلتَّزْكِيَةِ شُرُوطٌ) .

فَإِذَا اُتُّهِمَ الشُّهُودُ فَهَذِهِ التُّهْمَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ الشَّاهِدِ كَالْفِسْقِ وَالْعَمَى، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ صِلَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ كَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَأَمَّا إذَا جُرِّحَ فَالْجَرْحُ إمَّا جَرْحٌ مُجَرَّدٌ كَالْجَرْحِ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ اللَّهِ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ: إنَّ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ، وَحُكْمُهُ إذَا أَخْبَرَ الْمَشْهُودُ الْقَاضِي بِذَلِكَ سِرًّا وَأَثْبَتَهُ يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِذَا أَخْبَرَهُ عَلَنًا وَأَثْبَتَهُ فَيُقْبَلُ عَلَى قَوْلٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ، حَيْثُ إنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ هُمْ فَسَقَةٌ لِإِظْهَارِهِمْ الْفَاحِشَةَ، وَعَلَى قَوْلٍ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَلَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ فِسْقَ الْفَاسِقِ يَرْتَفِعُ بِالتَّوْبَةِ.

٢ - الْجَرْحُ الْمُرَكَّبُ هُوَ الْجَرْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ اللَّهِ أَوْ حُقُوقَ الْعِبَادِ كَقَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: إنَّهُمَا قَدْ سَرَقَا نُقُودِي، وَحُكْمُهُ إذَا أَثْبَتَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَفِي الْجَرْحِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ يَلْزَمُ الشُّهُودَ الْيَمِينُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الشُّهُودَ الْيَمِينُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (١٧٢٧) .

رُجُوعُ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ هُوَ عَلَى الْبَاقِي عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ عَلَى الرَّاجِعِ عَنْ الشَّهَادَةِ، وَرُكْنُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَوْلُ الشَّاهِدِ: رَجَعْتُ عَنْ شَهَادَتِي، شَهِدْتُ زُورًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَا يُعَدُّ إنْكَارُ الشَّهَادَةِ رُجُوعًا عَنْهَا.

شَرْطُهُ - أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي (وَلَهُ مُسْتَثْنًى) تَقْسِيمُهُ، أَمَّا قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

١ - يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ؛ فَلَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيهِ.

٢ - يَكُونُ رُجُوعًا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيهِ.

٣ - أَلَا يُعْرَفُ الرُّجُوعُ هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ أَوْ عَلَى غَيْرِ هَذَا السَّبِيلِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ التَّعْزِيرِ، أَمَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الْكُلِّ أَوْ بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بَلْ يُضْمَنُ الْمَحْكُومُ بِهِ لِلشُّهُودِ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِهِ لِلشُّهُودِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

١ - أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ أَمْرٌ آخَرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ.

٢ - أَنْ يَكُونَ الْمُتْلَفُ مَالًا فَإِذَا كَانَ مَنْفَعَةً كَالنِّكَاحِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْإِيصَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.

٣ - أَنْ تَكُونَ إزَالَةُ الْمِلْكِ حَاصِلَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِذَا كَانَ بِعِوَضٍ كَمَسَائِلِ الرَّهْنِ وَالشُّفْعَةِ فَلَا يَكُونُ مُوجَبًا لِلضَّمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>