للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ مَالِي الَّذِي قِيمَتُهٌ كَذَا دِرْهَمًا فَأَطْلُبُ تَسْلِيمَهُ عَيْنًا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ مُنْكِرًا الْحَاصِلَ قَائِلًا: لَا يَلْزَمُنِي رَدٌّ أَوْ ضَمَانُ ذَلِكَ الْمَالِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ، وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ رَدَّهُ عَيْنًا أَوْ ضَمِنَهُ.

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ قَائِلًا: قَدْ مَزَّقْت ثِيَابِي هَذِهِ فَاضْمَنْهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ قَائِلًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ تِلْكَ الثِّيَابِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ تَمْزِيقِ ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَزَّقَ الثِّيَابَ وَضَمِنَ بَدَلَهَا لِلْمُدَّعِي أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقَّيْنِ إنْ شَاءَ أَنْكَرَ حَاصِلَ الدَّعْوَى، وَإِنْ شَاءَ أَنْكَرَ سَبَبَهَا وَجِهَتَهَا، وَإِنَّ أَيَّ أَمْرٍ يُنْكِرُهُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِ. وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ إذَا حَلَفَ فِيهَا عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى السَّبَبِ إذَا جَرَى التَّحْلِيفُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ لَا يَكُونُ هُنَاكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ آكَدُ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى السَّبَبَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ.

مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ تُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْمُدَّعِي فَيَقْتَضِي تَحْلِيفَ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، وَفِي دَعْوَى النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ.

إيضَاحُ الشُّفْعَةِ - لَا شُفْعَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِسَبَبِ الْجِوَارِ عَلَى آخَرَ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِلْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذَا الْعَقَارِ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَلَزِمَ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السَّبَبِ (وَاَللَّهِ إنِّي لَمْ أَشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي يَدَّعِي الْمُدَّعِي الشُّفْعَةَ فِيهَا) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَيْسَ لِهَذَا الْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ (وَاَللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الشُّفْعَةِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَذْكُورِ لَا شُفْعَةَ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَيَكُونُ الْحَالِفُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِي.

إيضَاحُ النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ: لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ مِنْ مُقَلِّدِي الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا، وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ فِي حُضُورِ قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَعِنْدَ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ هَكَذَا (وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةَ لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً مِنِّي) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ حَسَبَ اعْتِقَادِهِ فَتَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِيَةُ) (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى وَكَانَ السَّبَبُ ثَابِتًا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ مَثَلًا الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْت مَالِي الْفُلَانِيَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْته إيَّاهُ فَأَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>