للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبْلَغَ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ، وَلَا يَجْعَلُ حُكْمُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَالَ حَلَالًا لَهُ.

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذِبًا أَنَّ ثِيَابَ غَيْرِهِ لَهُ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ الثِّيَابَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُ تِلْكَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ آخَرَ بِلَا سَبَبٍ مَشْرُوعٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٩٠٧) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ مَنْكُوحَةَ غَيْرِهِ هِيَ مَنْكُوحَتُهُ، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلًا، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٨٢٧) .

الْقِسْمُ الثَّانِي - هُوَ مَنْعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ عَنْ الْمُنَازَعَةِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِ: لَيْسَ لَك حَقٌّ أَوْ أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِهَذَا قَضَاءُ التَّرْكِ أَنْوَاعُ قَضَاءِ التَّرْكِ إنَّ قَضَاءَ التَّرْكِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ فِي الدَّيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَيُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَعْجِزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ الْيَمِينَ أَوْ لَا يَطْلُبُ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي قَائِلًا (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ قَضَاءَ تَرْكٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ مِلْكِيَّةَ الْفَرَسِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ مُسْتَقِلًّا، وَعَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَفَ ذُو الْيَدِ الْيَمِينَ لِكِلَيْهِمَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِقَضَاءِ التَّرْكِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: تَبْقَى الْفَرَسُ كَالْأَوَّلِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَحْكُمُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لَا يَحْكُمُ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ بِالْقَوْلِ (إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لَك) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ فَيَحْكُمُ بِالْفَرَسِ لِلْمُدَّعِيَيْنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُ دَعْوَاهُ وَلَوْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٨١٩) .

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَّفَ الْقَاضِي بِالطَّلَبِ عَمْرًا بِالْيَمِينِ فَيَحْكُمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ التَّرْكِ يَعْنِي يُخَاطِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ زَيْدًا قَائِلًا لَهُ (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو) وَفِي هَذَا الْحَالِ تَبْقَى الدُّكَّانُ فِي يَدِ عَمْرٍو كَالسَّابِقِ. وَالدَّلِيلُ وَالسَّبَبُ لِهَذَا الْقَضَاءِ هُوَ وَضْعُ الْيَدِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَضَاءِ التَّرْكِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَادِثَةٍ لَا يَكُونُ مَقْضِيًّا لَهُ أَبَدًا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، أَمَّا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي حَادِثَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقْضَى لَهُ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>