للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخَلُّقِ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ وَالْخِصَالِ الْمُسْتَحْسَنَةِ فِي مُعَاشَرَةِ وَمُعَامَلَةِ النَّاسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْجَوْهَرَةُ) ، وَآدَابُ الْقَاضِي هُوَ الْتِزَامُ الْأُمُورِ الَّتِي نَدَبَهَا الشَّرْعُ كَبَسْطِ الْعَدْلِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَتَرْكِ الْمَيْلِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ السُّنَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الْمَادَّةُ (١٧٩٥) (يَجْتَنِبُ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْأَفْعَالَ وَالْأَوْضَاعَ الَّتِي تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُلَاطَفَةِ) يَجْتَنِبُ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْأَفْعَالَ وَالْأَوْضَاعَ الَّتِي تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَمُلَاطَفَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَمَا نَصَّبَ شُرَيْحًا شَرَطَ عَلَيْهِ أَلَا يَشْتَغِلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَأَلَّا يَأْخُذَ الرِّشْوَةَ. فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ: لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ بِالْقَاضِي الَّذِي يَأْخُذُ مُرَتَّبًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَتَّى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا لِتَسْوِيَةِ مَصَالِحِهِ، وَأَنْ لَا يُعْلِمَ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ وَكِيلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّاسَ يَتَسَاهَلُونَ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ لِكَوْنِهِ قَاضِيًا فَيَبِيعُونَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَشْتَرُونَ مَا يَبِيعُهُ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَمُبَاشَرَةُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِعُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ (الْفَتْحُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ والولوالجية) . الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ، وَأَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ فَلِذَلِكَ قَيَّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَيْسَ تَقْيِيدُ الْمُلَاطَفَةِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُلَاطَفَةَ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَلَا يُلَاطِفَ الْقَاضِي أَحَدًا فِي أَيِّ مَحَلٍّ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .

وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَنِبَ الْمِزَاحَ وَالْهَزَارَ، وَأَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْوَقَارِ، وَأَنْ لَا يُكَالِمَ أَحَدًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَثْنَاءَ التَّقَاضِي بِغَيْرِ أُمُورِ الْقَضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاطَفَةَ وَالْمُكَالَمَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْقَضَاءِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَمَعَ أَنَّ الْمُلَاطَفَةَ مَشْرُوعَةٌ فَقَدْ مُنِعَ الْقَاضِي مِنْهَا. وَمَشْرُوعِيَّةُ الْمُلَاطَفَةِ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ. وَالْمُلَاطَفَةُ هِيَ الِانْبِسَاطُ مَعَ الْغَيْرِ بِدُونِ إيذَاءِ أَحَدٍ وَهِيَ غَيْرُ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ الْإِفْرَاطِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْمُلَاطَفَةِ؛ لِأَنَّهَا تُورِثُ الضَّحِكَ وَقَسْوَةَ الْقَلْبِ وَتُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَالْوَقَارَ وَتُؤَدِّي إلَى الْإِيذَاءِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ. أَمَّا الْمِزَاحُ السَّالِمُ مِنْ الْأُمُورِ الْغَيْرِ الْمَشْرُوعَةِ فَهُوَ مُبَاحٌ فَقَدْ أَجْرَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّدْرَةِ فِي تَطْيِيبِ النُّفُوسِ وَالْمُؤَانَسَةِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فَاعْلَمْ هَذَا فَإِنَّهُ مِمَّا يَعْظُمُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ (شَرْحُ الشَّمَائِلِ لِعَلِيٍّ الْقَارِيّ) .

صُورَةُ جُلُوسِ الْقَاضِي أَثْنَاءَ الْحُكْمِ وَوُجُودُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَجْلِسِهِ: يَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي تَعْظِيمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>