للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ ابْنَ الْقَاضِي لِيُخَاصِمَ أَحَدًا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي الْقَضِيَّةِ الَّتِي تَوَكَّلَ فِيهَا وَلَدُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نُصِّبَ ابْنُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِذَلِكَ الْيَتِيمِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ ابْنُ الْقَاضِي مُوصًى لَهُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ حُكْمًا فِي صَالِحِ الْمُوصَى فَقَطْ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي وَكِيلَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ هُوَ حُكْمُ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي أَصْلِ وَقْفٍ أَوْ فِي غَلَّتِهِ مَشْرُوطَةٍ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ الْوَقْفِ لِلْقَاضِي مَثَلًا لَوْ أَقَامَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ مَشْرُوطَةٍ غَلَّتُهُ لِقَاضِي الْبَلْدَةِ دَعْوًى عَلَى آخَرَ فِي حَقِّ عَقَارٍ مُدَّعِيًا أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَسَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي، فَإِذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ آخَرُ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ دَعَاوَى الْأَوْقَافِ فَتَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ آخَرُ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.

وَعِبَارَةُ، لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى هَؤُلَاءِ هِيَ نَفْيٌ مُرْتَبِطٌ بِالْحُكْمِ وَلِنَفْيِهِ وَلَيْسَ مُرْتَبِطَةً بِالِاسْتِمَاعِ وَلِنَفْيِهِ. فَلِذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى هَؤُلَاءِ وَأَنْ يُجْرِيَ مُرَافَعَاتِهِمْ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْحَقَّ فِي يَدِ الِاخْتِصَامِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْأَخْصَامِ ضِدَّ هَؤُلَاءِ إذْ لَيْسَ فِي هَذَا الْحُكْمِ تُهْمَةٌ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٧٠٠) بِأَنَّ شَهَادَةَ الْقَاضِي عَلَى هَؤُلَاءِ جَائِزَةٌ وَإِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّ الْحَقَّ لِهَؤُلَاءِ لَا يَحْكُمُ لَهُمْ وَيُوصَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَعْمَلُوا بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مُسْتَثْنًى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِالْوِصَايَةِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِلْمُتَوَفَّى ٠ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِزَيْدٍ الْمُتَوَفَّى بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَجَاءَ أَحَدُ أَعْمَامِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَادَّعَى فِي مُوَاجِهَةِ الْخَصْمِ بِأَنَّهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ عَلَى الْمُتَوَفَّى زَيْدٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِوِصَايَتِهِ وَإِذَا أَدَّى الْقَاضِي بَعْدَ حُكْمِهِ هَذَا دَيْنَهُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا لِذَلِكَ الْوَصِيِّ يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِهِ. أَمَّا إذَا دَفَعَ الْقَاضِي دَيْنَهُ لِذَلِكَ الْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ ادِّعَائِهِ الْوِصَايَةَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِوِصَايَتِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْوَصِيُّ دَعْوَى لِإِثْبَاتِ وِصَايَتِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي اسْتِمَاعُ تِلْكَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ بِهَا (وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِلْغَائِبِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِأَقْرِبَائِهِ وَمَحَارِمِهِ الَّذِينَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ كَحَمَاتِهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ لِحَمَاتِهِ فِي حَيَاةِ زَوْجَتِهِ أَوْ حُكْمُهُ لَزَوْجَةِ أَبِيهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ.

حُكْمُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ؛ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّنْوِيرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. أَمَّا صَاحِبُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فَقَدْ قَالَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ يَقُولُ بِجَوَازِ حُكْمِ الْقَاضِي الْعَدْلِ عَلَى عَدُوِّهِ وَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ حُكْمِ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَوْ كَانَ قَاضِيًا عَادِلًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلِأَنَّ الْمَجَلَّةَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٠٢) قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ جَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>