للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّحْكِيمِ]

ِ) بِمَا أَنَّ الْمُحَكَّمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُكَّامِ وَالْقُضَاةِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ أَدْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي فَقَدْ أَخَّرَ ذِكْرَهُ عَنْ الْقَاضِي، وَبِمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ أَدْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي فَيُبْطِلُهُ الْقَاضِي بِعَكْسِ حُكْمِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَعَلَى الْقَاضِي الْآخَرِ تَنْفِيذُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٨٣٨ " كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ يَحْصُلُ بَعْدَ رِضَا الْخَصْمَيْنِ أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَاءُ الْخَصْمَيْنِ الزَّيْلَعِيّ.

[ (الْمَادَّةُ ١٨٤١) يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ]

الْمَادَّةُ (١٨٤١) - (يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ) وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالدُّيُونِ وَالْبُيُوعِ. وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. الْكِتَابُ، {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥] الْآيَةَ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي حَقِّ التَّحْكِيمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَمَا دَامَ قَدْ جَازَ التَّحْكِيمُ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ فَهَذَا الْجَوَازُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالدَّعَاوَى الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". السُّنَّةُ، قَدْ أَوْصَى النَّبِيُّ الْكَرِيمُ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُحَكِّمُوا عَنْهُمْ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَقَدْ أَجْمَعَ صَحَابَةُ النَّبِيِّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ وَقَدْ حَكَّمُوا بَيْنَهُمْ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٢٢) أَمَّا التَّحْكِيمُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ السَّرِقَةِ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ إجْرَاءَ الطَّرَفَيْنِ التَّحْكِيمَ بَيْنَهُمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ عَقْدِ الصُّلْحِ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَى دِمَائِهِمَا فَلَيْسَ لَهُمَا إبَاحَةُ دِمَائِهِمَا الزَّيْلَعِيّ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقِصَاصِ هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ. مَثَلًا لَوْ تَصَالَحَ الطَّرَفَانِ عَلَى لُزُومِ الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا الصُّلْحِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَّمَ الطَّرَفَانِ أَحَدًا لِفَصْلِ دَعْوَى الْقِصَاصِ وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقِصَاصِ فَحُكْمُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>