للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَبَضَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْضُهُ مَعِيبًا وَكَانَ كُلُّهُ قَائِمًا وَمَوْجُودًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَ جَمِيعَهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَيْ الْمَعِيبَ وَغَيْرَ الْمَعِيبِ مِنْ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْرِزَ الْمَعِيبَ وَيَرُدَّهُ وَيُمْسِكَ السَّالِمَ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ أَشْيَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ وَلَكِنَّهَا حُكْمًا وَتَقْدِيرًا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْحَبَّةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً وَحْدَهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَعَلَيْهِ فَالتَّقَوُّمُ بِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ وَانْضِمَامِ الْحَبَّاتِ إلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الْقِسْمِ الْمَعِيبِ وَرَدُّهُ وَقَبُولُ الْقِسْمِ غَيْرِ الْمَعِيبِ مِنْهُ؛ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ التَّفْرِيقُ أَيْضًا.

قَدْ قُلْنَا: مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمَكِيلَاتُ الْمُشْتَرَاةُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَأَنْ يَكُونَ الْمُبَاعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً وَمِائَةَ كَيْلَةٍ شَعِيرًا فَظَهَرَ عَيْبٌ فِي الْحِنْطَةِ أَوْ فِي الشَّعِيرِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ ١٥٣.

قَدْ قِيلَ: إذَا كَانَ مَوْجُودًا كُلُّ الْمَبِيعِ وَقَائِمًا فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُبَاعَةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً جَمِيعُهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ وَسَلَّمَ بَعْضًا مِنْهَا، أَوْ بَاعَهُ فَيَرُدُّ حِينَئِذٍ الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي وَهَبَهُ، أَوْ بَاعَهُ.

أَمَّا إذَا اطَّلَعَ شَخْصٌ بَعْدَ أَنْ خَبَزَ الدَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَلَى وُجُودِ مَرَارَةٍ فِيهِ؛ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي مِنْ الدَّقِيقِ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ فِي الدَّقِيقِ الْمُسْتَهْلَكِ فَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ بَيْعِ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ أَكْلِهِ وَتَنَاوُلِهِ.

[ (الْمَادَّةُ ٣٥٣) وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ تُرَابًا]

(الْمَادَّةُ ٣٥٣) إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ الْمُشْتَرَاةِ تُرَابًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ التُّرَابُ يُعَدُّ قَلِيلًا فِي الْعُرْفِ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا.

إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ الْمُشْتَرَاةِ تُرَابًا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ:

أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي وَجَدَ فِي الْحُبُوبِ جُزْئِيًّا بِحَيْثُ يُعَدُّ عَادَةً قَلِيلًا فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَازِمًا وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَفْرِيقَ التُّرَابِ وَرَدَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَقَبُولَ الْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْمُعْتَادِ رَدُّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ الْمِقْدَارِ الْقَلِيلِ بَلْ إنَّ الْمُعْتَادَ قَبُولُ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٣) .

ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي فِي الْحُبُوبِ زَائِدًا زِيَادَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ وَلَكِنْ كَانَتْ بِدَرَجَةٍ يَعْتَبِرُهَا النَّاسُ عَيْبًا فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَدَّ كُلَّ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى.

(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٣ وَالْمَادَّةَ ٧٣٣) .

ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي فِي الْحُبُوبِ زَائِدًا زِيَادَةً فَاحِشَةً جِدًّا فَالْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>