للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرُوضَ الصَّغِيرِ أَوْ التَّرِكَةَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ الثَّانِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ الْأَوَّلَ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَأَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ هُوَ مِقْدَارُ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْغَبَنِ (أَنْقِرْوِيّ) .

قَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَقَالَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ بِبُطْلَانِهِ وَمِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ يُفْهَمُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ قَالُوا بِالْبُطْلَانِ.

مِثَالُ الشِّرَاءِ: إذَا اشْتَرَى الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ مَالًا لِلصَّغِيرِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ عَنْ قِيمَتِهِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِحَقِّ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا وَنَافِذًا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ وَيُصْبِحُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مِلْكًا لَهُمَا (فُصُولَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُبَيِّنُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لِلْغَيْرِ وَلَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَيَنْفُذْ الْبَيْعُ بِحَقٍّ وَيُصْبِحُ الشِّرَاءُ لَازِمًا.

إنَّ مَالَ الْوَقْفِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ هُوَ فِي حُكْمِ مَالِ الْيَتِيمِ فَلِذَلِكَ؛ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَلَوْ كَانَ بِلَا تَغْرِيرٍ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيهِمَا بَاطِلٌ.

وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بَيْعُ الْمَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ فَيَكُونُ حَسَبَ رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ أَنَّ دَعْوَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ تُسْمَعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَالْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلَتْ فِي الْمَادَّةِ ١٤٩٤ قَوْلَ الْإِمَامِ (كَفَوِيٌّ) .

[ (الْمَادَّةُ ٣٥٧) غَرَّ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي الْبَيْعِ غَبَنًا فَاحِشًا]

(الْمَادَّةُ ٣٥٧) إذَا غَرَّ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي الْبَيْعِ غَبَنًا فَاحِشًا فَلِلْمَغْبُونِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَيَثْبُتُ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ أَيْضًا لِلِاثْنَيْنِ مَعًا.

إنَّ اجْتِمَاعَ الْغَبَنِ الْفَاحِشِ وَالتَّغْرِيرِ يُوجِبُ الْخِيَارَ وَفَسْخَ الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ فَالْغَبَنُ الْفَاحِشُ مُنْفَرِدًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْخِيَارَ وَفَسْخَ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ التَّغْرِيرِ لِوَحْدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخِيَارَ.

وَيُسَمَّى الْخِيَارُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِيَارِ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ، مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ قِيمَةَ كَذَا الْمَالِ كَذَا قِرْشًا، أَوْ إنَّهُ يُسَاوِي كَذَا قِرْشًا وَقَدْ أَرَادَ فُلَانٌ شِرَاءَهُ مِنِّي بِكَذَا فَاشْتَرَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ تَنْقُصُ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَمْ يُسَاوِمْ الْبَائِعَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) كَذَلِكَ لَوْ غَرَّرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا فَسْخُ الْبَيْعِ.

الْغَبَنُ الْفَاحِشُ هُوَ الْغَبَنُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ ١٦٥ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ الَّتِي بِقِيمَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ لِشَخْصٍ آخَرَ بِأَلْفَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مُبَيِّنًا لَهُ أَنَّهَا تُسَاوِي ذَلِكَ الثَّمَنَ؛ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ قَدْ غَرَّرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ إلَّا أَنَّ الْغَبَنَ الْفَاحِشَ فِي الْعَقَارِ هُوَ مِقْدَارُ الْخُمْسِ وَالثَّلَاثمِائَةِ قِرْشٍ الَّذِي تَغَرَّرَ بِهَا الْمُشْتَرِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ خُمْسِ الْأَلْفَيْ قِرْشٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْعِ خِيَارُ غَبَنٍ وَتَغْرِيرٍ (عَبْدُ الرَّحِيمِ) أَمَّا التَّغْرِيرُ الْقَوْلِيُّ وَحْدَهُ؛ فَلَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنَّ مَالِي هَذَا يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ وَقَدْ طَلَبَ فُلَانٌ شِرَاءَهُ مِنِّي بِهَذَا الْمَبْلَغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>