للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ الْيَمِينَ الْمُوَجَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَاكَمَةِ فَلَمَّا كَانَ هَذَا الشِّرَاءُ بَاطِلًا فَإِسْقَاطُ الْيَمِينِ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، كَذَا لَوْ تَصَالَحَ طَرَفَانِ فَأَبْرَأَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَكَتَبُوا بِذَلِكَ سَنَدَاتٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ فَاسِدٌ، فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ بَاطِلًا أَيْضًا.

" مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ وَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى حَقِّ الشُّفْعَةِ، فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ، فَهُنَا مَعَ بُطْلَانِ الصُّلْحِ لَمْ يَبْطُلْ إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضِمْنِ الصُّلْحِ، كَمَا تَقْتَضِي الْقَاعِدَةُ.

[ (الْمَادَّةُ ٥٣) إذَا بَطَلَ الْأَصْلُ يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ]

(الْمَادَّةُ ٥٣) :

إذَا بَطَلَ الْأَصْلُ يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ.

يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ إيفَاءُ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ إيفَاءُ الْبَدَلِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ مَا دَامَ إيفَاءُ الْأَصْلِ مُمْكِنًا. لِأَنَّ إيفَاءَ الْأَصْلِ هُوَ (الْأَدَاءُ) أَمَّا إيفَاءٌ بِالْخُلْفِ عَنْ الْأَصْلِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْخُلْفِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ غَيْرُ جَائِزٍ. كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَثَلًا فَهُوَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إيفَاءُ بَدَلِهِ مَعَ وُجُودِهِ.

مِثَالٌ: لَوْ اغْتَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ تَحْتَ يَدِهِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَمْ يَقْبَلْ بِذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَدَلِ، إنَّ الْأُصُولِيِّينَ يُعَبِّرُونَ عَنْ إيفَاءِ الْمَغْصُوبِ بِالذَّاتِ بِالْأَدَاءِ الْكَامِلِ؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ هُوَ أَدَاءٌ حَقِيقَةً، هَذَا غَيْرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ فُقِدَ مِنْهُ وَأَصْبَحَ رَدُّهُ عَيْنًا غَيْرُ مُمْكِنٍ يُصَارُ حِينَئِذٍ إلَى الْبَدَلِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِإِيفَائِهِ بِمِثْلِهِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ (الْقَضَاءَ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ أَوْ الْقَضَاءَ الْكَامِلُ) لِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمِثْلِيَّةَ مُطَابِقَةٌ لِبَعْضِهَا صُورَةً وَمَعْنًى، وَقِيمَةُ الشَّيْءِ هِيَ مَعْنَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَالْأَمْوَالُ الْمِثْلِيَّةُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْقِيمَةِ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ مُتَقَارِبَةٌ فِي ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَتُؤَدَّى قِيمَتُهُ وَيُسَمَّى ذَلِكَ (الْقَضَاءَ الْقَاصِرَ) لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ النُّقُودِ لَا تُمَاثِلُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى.

[ (الْمَادَّةُ ٥٤) يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا]

(الْمَادَّةُ ٥٤) :

يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا.

هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَقَاعِدَةُ (يُغْتَفَرُ لِشَيْءٍ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا) قَرِيبَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>