للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّرَرُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَإِنَّمَا اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا التَّعْرِيفَ لِأَنَّ بَعْضَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ عَرَّفُوا بِهِ الْإِجَارَةَ (شُرُنْبُلَالِيّ) .

التَّعْرِيفُ الثَّانِي: بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ (تَنْوِيرُ) وَهَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَشْمَلُ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةً وَالْفَاسِدَةَ بِجَهَالَةِ الْبَدَلِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ؛ فَلَا يَشْمَلُ الْفَاسِدَةَ بِوُقُوعِهَا بِلَا بَدَلٍ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ.

التَّعْرِيفُ الثَّالِثُ: بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ الشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ وَالشَّرْطِ الْمُفْسِدِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا التَّعْرِيفُ أَيْضًا فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَامِعٍ إذْ إنَّ الشُّيُوعَ الْأَصْلِيَّ لَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَ الْإِيجَارُ لِلشَّرِيكِ.

وَالْأَجْوِبَةُ عَنْ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى التَّعَارِيفِ تُؤْخَذُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: قَوْلُهُ (عِوَضٌ) أَمَّا الْإِجَارَةُ الَّتِي يَكُونُ بِلَا عِوَضٍ فَفَاسِدَةٌ عَلَى قَوْلٍ وَإِعَارَةٌ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ.

وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ أَوْ آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ بِلَا عِوَضٍ شَهْرَيْنِ فَقَبِلَ الْآخَرُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَاسِدَةٌ عَلَى قَوْلٍ وَلَيْسَتْ بِإِعَارَةٍ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ تَنْعَقِدُ إعَارَةً (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٣) .

فَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْإِجَارَةَ بِلَا بَدَلٍ عَارِيَّةً أَصْبَحَ التَّعْرِيفُ الثَّانِي سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ حِينَئِذٍ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَالْإِجَارَةُ بِلَا بَدَلٍ لَيْسَتْ إلَّا عَارِيَّةً وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ التَّعْرِيفُ بِالْمُسَاوِي يَجُوزُ بِالْأَعَمِّ وَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ (الْبَاجُورِيّ. الدُّرُّ الْمُنْتَقَى. الْبَحْرُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. دُرَرٌ. الْخَانِيَّةُ. الْهِدَايَةُ) .

[ (الْمَادَّةُ ٤٠٦) الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ]

(الْمَادَّةُ ٤٠٦) :

الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ هِيَ الْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ الْعَارِيَّةُ عَنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ.

وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٤٤١ وَالْمَادَّةِ ١١٤ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ وَذَلِكَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَفْسَخَهَا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ مَادَّتَيْ ١٦٣ وَ ٤٤٣) .

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عُذْرٌ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ ٤٤٣ شَيْءٌ مِنْ الْإِيضَاحِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْإِجَارَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبٌ لِلْفَسْخِ مِمَّا تُفْسَخُ بِهِ الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ لِوُجُودِ عَيْبٍ فِي الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ.

أَمَّا أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ فَقَدْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تُفْسَخُ لِوُجُودِ عُذْرٍ كَإِفْلَاسِ مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ أَوْ سَرِقَةِ مَالِهِ وَغَصْبِهِ (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٤٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>