للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْفُسْطَاطِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) قَوْلُهُ (لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ لِرُكُوبِهِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ) وَمِثْلُ الْإِجَارَةِ الْإِعَارَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ التَّقْيِيدُ فِيهِ مُفِيدًا وَمُخَالَفَتُهُ تَعَدِّيًا؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ الْخَفِيفَ الَّذِي يَجْهَلُ طُرُقَ الرُّكُوبِ أَشَدُّ وَطْأَةً عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ الرَّاكِبِ الثَّقِيلِ الْعَالِمِ بِطُرُقِ الرُّكُوبِ.

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا هُوَ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَتَلِفَتْ؛ لَزِمَهُ الضَّمَانُ هُوَ وَمَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَلَمَّا كَانَ مُقْتَضَى الْمَادَّةِ ٨٦ أَلَّا يَجْتَمِعَ أَجْرٌ وَضَمَانٌ لَمْ تَلْزَمْ الْأُجْرَةُ فَإِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ، الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرٌ ثَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٥٨) .

أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْمُؤَجِّرُ الثَّانِي؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا كَانَ التَّلَفُ نَاشِئًا عَنْ تَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ ٦٠٠ و ٦٠١ و ٦٠٢) (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

أَمَّا إذَا لَمْ تَعْطَبْ؛ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ غَاصِبًا وَالْمَنَافِعُ إذَا غُصِبَتْ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً.

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مَلَابِسَ لِيَلْبَسَهَا هُوَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ التَّاجِرَ غَيْرُ الْجَزَّارِ فِي اللِّبْسِ.

فَإِنَّ مَا يَلْبَسُ الْجَزَّارُ يُصِيبُهُ مِنْ الضَّرَرِ أَضْعَافُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ التَّاجِرِ، وَالْفُسْطَاطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي كَالْأَلْبِسَةِ أَيْضًا لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي نَصْبِهِ وَاخْتِيَارِ مَكَانِهِ وَضَرْبِ أَوْتَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ فُسْطَاطًا لِنَفْسِهِ فَآجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَعَارَهُ وَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ وَالْفُسْطَاطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ كَالدَّارِ (الزَّيْلَعِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ) .

إنَّ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ ٥٣٦ مَعَ الْمَادَّتَيْنِ ٥٥٢ و ٥٥٣ فُرُوعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ ٥٥١ فُرُوعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي الْمِثَالِ فَذِكْرُ الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَادَّةِ عَلَى حِدَةٍ إعَادَةٌ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا.

[ (الْمَادَّةُ ٤٢٨) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا لَهُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ فِيهَا]

(الْمَادَّةُ ٤٢٨) كُلُّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَالتَّقْيِيدُ فِيهِ لَغْوٌ، مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا لَهُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ فِيهَا.

(رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٥٢٨) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْكُنَهَا هُوَ؛ فَلَهُ إيجَارُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِعَارَتُهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ ٤٢٦؛ لِأَنَّ السُّكْنَى لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُتَفَاوِتَةً لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ الْقَيْدُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ.

أَمَّا لَوْ قِيلَ إنَّ السُّكْنَى قَدْ تَكُونُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِصَنْعَةِ الْحِدَادَةِ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا وَيُنْظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ السُّكْنَى ضَرَرًا.

فَنَقُولُ إنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْحِدَادَةِ دَاخِلَ الدُّورِ وَإِيقَادَ الْحَطَبِ فَوْقَ الْمُعْتَادِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُسَبِّبُ تَوْهِينَ الْبِنَاءِ لَمَّا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ خَارِجًا بِدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٢) ؛ فَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ أَنْ يَتَّخِذَهَا لِلْحِدَادَةِ، أَوْ طَاحُونًا إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِرِضَا صَاحِبِهَا أَوْ بِشَرْطٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَكِنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ سُكْنَاهَا وَإِسْكَانُهَا وَمُسَاكَنَةُ سِوَاهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السُّكَّانِ فِي الْبَيْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>