للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَلْفَاظِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِأَلْفَاظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ، وَكَذَا بِأَلْفَاظِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي تَكُونُ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ إجَارَةٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تَكُونُ بِلَا عِوَضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَارِيَّةٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٤٠٥) (الدُّرَرُ) .

فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُكَ، أَوْ مَلَّكْتُكَ، أَوْ: وَهَبْتُكَ، أَوْ: أَعَرْتُكَ دَارِي شَهْرَ كَذَا بِكَذَا قِرْشًا، أَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَنَافِعِهَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ.

كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ.

لَوْ قَالَ الرَّجُلُ الْحُرُّ لِآخَرَ: بِعْتُ مِنْكَ نَفْسِي لِلْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٣) .

أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا بَيْعَ الْمَعْدُومِ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ بِأَلْفَاظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ (الْهِنْدِيَّةُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الدُّرَرُ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: سَنَوِيَّةُ هَذِهِ الدَّارِ دِينَارٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتَ رَاضٍ بِهَا؟ .

فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ الْمِفْتَاحَ فَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

إعَادَةُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ تُبْطِلُ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ١٨٥) مِثَالٌ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ سَنَةً بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ مِائَةً فَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ مِائَةً قَدْ فَسَخَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ خَطَأٍ فِي الْحِسَابِ؛ فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِلْأَوَّلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ: إنَّنِي قَصَدْتُ فَسْخَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكَ غَلَطًا؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّانِي فِي صِفَتِهَا فِي تَفْرِيعَاتٍ عَلَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٤٣٥) الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ]

(الْمَادَّةُ ٤٣٥) :

الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ أَيْضًا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ، مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: سَأُؤَجِّرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: اسْتَأْجَرْتُ، أَوْ قَالَ أَحَدٌ: آجِرْ وَقَالَ الْآخَرُ: آجَرْتُ فَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ.

يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ ١٦٩ و ١٧٠ تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ الْأَمْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الصِّيغَةُ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ، أَوْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ مَعًا (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ ١٧١ و ١٧٢. لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

إلَّا إذَا أُرِيدَ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الْحَالُ فَتَنْعَقِدُ بِهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ سَأُؤَجِّرُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا قِرْشًا وَقَالَ الْآخَرُ: اسْتَأْجَرْتُ، أَوْ قَالَ: آجِرْ، وَقَالَ الْآخَرُ: آجَرْتُ فَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا يَجُوزُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ (سَأُؤَجِّرُ) مُسْتَقْبَلٌ وَصِيغَةَ آجِرْ أَمْرٌ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمِثَالَ يُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُهُ الْمُمَثَّلُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ لَفْظَ (الْمُسْتَقْبَلِ) يَشْمَلُ الْأَمْرَ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>