للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ عُرِّفَ الْمُطْلَقُ تَعْرِيفًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ مِنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّعْمِيمِ وَالتَّكْرَارِ وَالْمَرَّةِ. وَالْمُقَيَّدُ: هُوَ الْمُقَارِنُ لِإِحْدَى هَذِهِ الْقَرَائِنِ مِثَالٌ: إذَا اتَّفَقَ شَخْصٌ مَعَ خَيَّاطٍ عَلَى خِيَاطَةِ جُبَّةٍ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرَّجُلُ عَلَى الْخَيَّاطِ بِأَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ يَحِقُّ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَعْهَدَ بِخِيَاطَةِ تِلْكَ الْجُبَّةِ إلَى أَجِيرِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ الْجُبَّةَ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْأَجِيرِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيَّدْ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا مَرَّ. بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْجُبَّةِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ وَعَهِدَ الْخَيَّاطُ بِخِيَاطَتِهَا لِأَجِيرِهِ فَتَلِفَتْ يَكُونُ الْخَيَّاطُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِنَوْعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ بِهَا فَقَطْ يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ ٨١٩ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَالِ الْمُعَارِ بِذَاتِهِ أَوْ بِإِعَارَتِهِ لِآخَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِأَيٍّ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ الْإِعَارَةَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ قَيَّدَهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ، فَلَا يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ قُيُودَ الْمُعِيرِ لِلْإِعَارَةِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ يَحِقُّ لَهُ حَسْبَ الْمَادَّةِ ١٤٩٤ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَقْبَلُهُ ثَمَنًا لِمَالِهِ، فَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ حَسْبَ الْمَادَّةِ ١٤٥٩ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِبَيَانِ الثَّمَنِ الَّذِي يَرْتَضِيهِ ثَمَنًا لِمَالِهِ.

هَذَا وَإِنَّ الْأَمْثِلَةَ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا هُنَا كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالنَّصِّ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالدَّلَالَةِ وَهِيَ: إذَا وَكَّلَ مُكَارٍ شَخْصًا آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَصْفًا، فَالْوَكَالَةُ هُنَا مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ وَعَمَلِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِدَاعِي الْإِطْلَاقِ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ بِمِائَتَيْ جُنَيْهٍ، بَلْ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْفَرَسَ الَّذِي يَتَنَاسَبُ ثَمَنُهُ مَعَ حَالِ مُوَكِّلِهِ وَعَمَلِهِ فَهُنَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَقْيِيدٌ بِالنَّصِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالدَّلَالَةِ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ فَرَسًا مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ لِذَلِكَ الْمُوَكِّلِ الْمُكَارِي، وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ عَلَى الْفَرْضِ فَرَسًا جَوَادًا لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ. كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا قَيْدٌ لِلثَّمَنِ فَالدَّلَالَةُ تُوجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الشِّرَاءَ بِالْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَإِلَّا فَمَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِثَمَنٍ يَكُونُ بِهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَادَّةُ (١٤٨٢) ، كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ قُرْبَ عِيدِ الْأَضْحَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خَرُوفًا أَوْ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ بِشِرَاءِ ثَلْجٍ أَوْ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ بِشِرَاءِ فَحْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُدَّةَ الشِّرَاءِ فَعَقْدُ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ بِالظَّاهِرِ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>