للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكُونُ الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ قَبْضِ الْمَأْجُورِ وَكَوْنِ الْأَجِيرِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الْأَجِيرِ كَافِيًا لِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَهْمَا كَانَ السَّبَبُ فِي فَسَادِهَا.

وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَنْتَفِعْ بِهِ حَقِيقَةً وَمَا لَمْ يَقُمْ الْأَجِيرُ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ بِالْعَمَلِ فِعْلًا.

وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُوَافِقٌ لِلْمَادَّةِ (٢٧١) نَظِيرَتِهَا فِي الْبُيُوعِ وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: فَكَمَا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ امْتِلَاكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى الْقَبْضِ، كَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ امْتِلَاكُ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَنَافِعِ الْمَأْجُورِ عَلَى قَبْضِهَا أَيْ عَلَى اسْتِيفَائِهَا بِالْفِعْلِ.

وَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى دَفْعِ بَدَلِ الْمِثْلِ لَا عَلَى الْبَدَلِ الْمُسَمَّى أَيْضًا.

تَوْضِيحٌ لِإِجَارَةِ الْأَمْوَالِ: يَلْزَمُ بِمُقْتَضَى التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ فِي الْمَادَّةِ (٤٦٢) أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ انْتِفَاعًا حَقِيقِيًّا.

فَلَوْ أَجَرَ شَخْصٌ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي طَاحُونٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فِي دِيَارٍ أُخْرَى مِنْ رَجُلٍ بِكَذَا قِرْشًا وَلَمْ يَذْهَبْ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى تِلْكَ الدِّيَارِ وَلَمْ يَسْتَلِمْ الطَّاحُونَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ مِنْهُ سَلَفًا وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي الْحَالِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْآجِرُ.

(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٢٩) " عَلِيٌّ أَفَنْدِي ") .

وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يَقَعْ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْآجِرِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا مَسْأَلَتَانِ:

١ - إذَا أَجَرَ شَخْصٌ الْفَرَسَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ مِنْهُ فَلَيْسَ الِاسْتِئْجَارُ جَائِزًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٢٥٣) وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَسْلِيمٌ فِي الْمَأْجُورِ إذْ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَبِوُجُودِهِ فِي يَدٍ لَا يُعَدُّ مُسْتَلِمًا.

٢ - لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا اغْتَصَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لِامْتِنَاعِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ الظَّاهِرِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ حِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ مُسْتَلِمًا لِلْمَأْجُورِ بَلْ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ اغْتَصَبَهُ اغْتِصَابًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ وَغُصِبَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ.

تَوْضِيحٌ لِإِجَارَةِ الْآدَمِيِّ: يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَوْنُ الْأَجِيرِ قَدْ أَدَّى الْعَمَلَ فِعْلًا، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (٥٦٨) .

مُسْتَثْنَيَات: إنَّ مَالَ الْوَقْفِ وَمَالَ الْيَتِيمِ إذَا أُوجِرَا إيجَارًا فَاسِدًا تَلْزَمُ فِيهِمَا الْأُجْرَةُ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ (أَشْبَاهٌ ٠ حَمَوِيٌّ، أنقروي، رَدُّ الْمُحْتَارِ) قُلْت وَهَلْ مَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْبَيْعِ وَفَاءٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الرُّومِ كَذَلِكَ؟ فَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ فَلْيُرَاجَعْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

قُلْت: لَا تَرَدُّدَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَهَذَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>