للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَصَّارِ أَيْ الْغَسَّالِ (إذْ إنَّ مَنْ يَغْسِلُ الثِّيَابَ بِإِضَافَةِ أَشْيَاءَ كَهَذِهِ إلَيْهَا يُسَمَّى قَصَّارًا) فَهُوَ الْمَالُ الْقَائِمُ الَّذِي اتَّصَلَ بِالثَّوْبِ كَمَا فِي الصَّبْغِ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَبْسِ مَا يُغْسَلُ لِلتَّحْسِينِ بِالْمَاءِ فَقَطْ وَعَدَمِهِ وَقَدْ اخْتَارَ عَامَّةُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ عَدَمَ جَوَازِ الْحَبْسِ. كَمَا أَنَّ قَاضِي خَانْ وَبَعْضَ الْفُقَهَاءِ اخْتَارُوا جَوَازَهُ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ قَبُولَهَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَيْضًا وَالْأَصَحُّ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَيُرَادُ بِالْأَثَرِ مَعْنَاهُ الثَّانِي.

وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي كَسْرِ الْحَطَبِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْحَطَبِ وَالدَّقِيقِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَلَهُ الْحَبْسُ عَلَى الثَّانِي (الطُّورِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الثَّوْبِ الَّذِي يُغْسَلُ لِتَطْهِيرِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَلَفًا وَأَمْسَكَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩١) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْحَبْسِ أَمَانَةً فَقَدْ بَقِيَ أَمَانَةً بَعْدَ الْحَبْسِ.

كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَدِي مِنْ ضَمَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٦٨) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا مَضْمُونٌ قَبْلَ الْحَبْسِ وَبِمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْحَبْسِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٠٧) أَمَّا بِالتَّعَدِّي فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إذَا حَبَسَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْآنِفَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَهَذَا مُوجِبٌ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٩٣) .

تَفْصِيلُ الشُّرُوطِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَحَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ عُدَّ غَاصِبًا إذْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ بِذَلِكَ التَّأْجِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ ٤٨٣ و ٤٧٤) .

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ الْأَجِيرُ قَدْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. فَالتَّسْلِيمُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ مَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَبْسُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥١) وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ الْقِيَامُ بِالْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا أَدَّى الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حُكْمًا.

وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ الْحَقِيقِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَإِنْ حَبَسَهُ عُدَّ غَاصِبًا وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ.

وَإِذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ الْأَجِيرُ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْإِجَارَةِ) .

فَائِدَةٌ: إذَا نَسَجَ الْأَجِيرُ قِطْعَةً مِنْ الْجُوخِ وَأَحْضَرَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَقَالَ لَهُ هَذَا (خُذْهَا لِبَيْتِك

<<  <  ج: ص:  >  >>