للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِعَةِ مِنْ قَانُونِ إيجَارِ الْعَقَارِ الْأَخِيرِ مَا يَأْتِي: لَا يُمْكِنُ إيجَارُ الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ ذَاتِ الْإِجَارَةِ الْوَاحِدَةِ لِمُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلِكُلٍّ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةُ (٤٨٤) أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَهُ وَمِلْكَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَصِيرَةً كَانَتْ كَالْيَوْمِ أَوْ طَوِيلَةً كَانَتْ كَعِدَّةِ سَنَوَاتٍ.

وَالْعَقَارُ ذُو الْإِجَارَتَيْنِ تَابِعٌ لِهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا. حَتَّى إنَّ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ إذَا آجَرَهُ بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ إجَارَةً طَوِيلَةً كَمَا لَوْ أَجَرَهُ بِعُقُودِ خَمْسِ سَنَوَاتٍ (وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مُنَجَّزَةً وَالسِّنِينَ الْأُخْرَى مُضَافَةً) تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ.

وَلَا يُمْكِنُ إيجَارُ الْوَقْفِ زِيَادَةً عَمَّا ذُكِرَ صِيَانَةً لَهُ مِنْ الضَّيَاعِ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يُدَّعَى بِمِلْكِيَّتِهِ لِطُولِ مُدَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ.

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيجَارُ الْوَقْفِ لِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ فَعَلَ فَكَمَا أَنَّ الْإِيجَارَ غَيْرُ صَحِيحٍ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْمُدَّةِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا فَسَدَتْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَسَدَتْ كُلُّهَا، وَلَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ إنَّمَا يَكُونُ الْفَسْخُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَزِيدُ عَنْ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ فِي الْقُرَى وَعَنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا أُوجِرَتْ قَرْيَةٌ مَثَلًا أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَقَطْ.

ثَالِثًا: أَمَّا إذَا كَانَ إيجَارُ الْوَقْفِ لِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَالِحِ الْوَقْفِ وَمَنْفَعَتُهُ فِي ذَلِكَ مُتَحَقِّقَةٌ بِأَنْ كَانَ النَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا سَنَةً وَإِيجَارُهَا أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ أَدَرُّ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ جَازَ إيجَارُهُ بِرَأْيِ الْقَاضِي.

رَابِعًا: لَوْ أَجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ إلَى عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلًا كَانَ صَحِيحًا.

وَهُنَا فَرْقٌ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي فِي إيجَارِ الْوَقْفِ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ: لَوْ أَجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَجَرَ لِغَيْرِهِ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ (التَّنْقِيحُ) .

وَإِذَا تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُؤَجِّرْ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ بَعْدَ انْقِضَاءِ خَمْسِ سَنَوَاتٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي أُوجِرَ لَهَا الْوَقْفُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا، وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِوَفَاتِهِ لِانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى مُصَرِّفِ آخَرَ، فَلِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا دَفَعَهُ مُعَجَّلًا مِنْ الْآجِرِ لِلْخَمْسِ سَنَوَاتٍ الْبَاقِيَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ.

خَامِسًا: إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى إجَارَةٍ طَوِيلَةٍ لِعِمَارَتِهِ يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا أَجَرَهُ الْقَاضِي لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَانَ إيجَارُهُ صَحِيحًا إذَا احْتَاجَ الْقَيِّمُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْوَقْفَ إجَارَةً طَوِيلَةً فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَعْقِدَ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً كُلُّ عَقْدٍ سَنَةً بِكَذَا فَيَلْزَمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ لَا الْبَاقِي لِأَنَّهُ مُضَافٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَيُكْتَبُ فِي الصَّكِّ اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ أَرْضَ كَذَا أَوْ دَارَ كَذَا ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا كُلُّ سُنَّةٍ بِكَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي بَعْضٍ وَلْنَنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى كُلِّ سَنَةٍ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُ اسْتَأْجَرْت ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا فَيَنُوبُ عَنْ تَكْرَارِ الْعَقْدِ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>