للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ

الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ

فِي بَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ

لَا يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ يَفْنَى وَيَزُولُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَلَا يُسْتَطَاعُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَامِلًا وَإِذَا اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فَلَا يَكُونُ الْمُؤَجِّرُ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَهَذَا الْأَمْرُ مَانِعٌ لِلْخِيَارِ.

وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا أَنَّ فَوَاتَ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ لَيْسَ مَانِعًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ، فَلَا يُمْنَعُ الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَيْضًا.

لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْإِجَارَةِ رَدُّ الْكُلِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّكْلِيفُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ (الْهِدَايَةُ، الْكِفَايَةُ، الطُّورِيُّ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبْضِ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي الْمَبِيعِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَلَاكِ الْبَعْضِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ.

(الْمَادَّةُ ٤٩٧) يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ وَيَجُوزُ الْإِيجَارُ وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مُخَيَّرًا كَذَا أَيَّامًا.

يَعْنِي يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةُ مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٣٠٠) وَيَجُوزُ الْإِيجَارُ وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا أَيْ أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُخَيَّرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا.

مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ قِرْشٍ شَهْرِيًّا عَلَى أَنِّي مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ تُفْسَخُ لِأَسْبَابٍ كَالْإِقَالَةِ فَشَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا صَحِيحٌ.

وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ قَدْ جُعِلَ لِلتَّرَوِّي وَالتَّفْكِيرِ وَكُلٌّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي حَاجَةٍ إلَى التَّرَوِّي وَالتَّفْكِيرِ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ إبْرَامِهَا لِأَنَّ الْخِيَارَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ بِالتَّرَوِّي فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا تَقَعُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ تَأَمُّلٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ غَيْرُ مُوَافِقٍ.

فَيَحْتَاجُ إلَى الْإِقَالَةِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهَا (الزَّيْلَعِيّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>