للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُبَيَّنُ أَحْكَامُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (٥١٨) .

أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ فَإِنَّمَا تَخْتَصُّ بِتَمْيِيزِ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجِبُ الْخِيَارَ عَنْ الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُوجِبُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٣٨) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ: إنَّ الْعَيْبَ الْمُوجِبَ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ إخْلَالِهَا، وَذَلِكَ:

١ - كَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ بِانْهِدَامِهَا وَمِنْ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا انْقِطَاعًا تَامًّا وَمِنْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِمَرَضِهِ مَرَضًا لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ خِدْمَةٍ مَا.

٢ - كَإِخْلَالِهَا بِهُبُوطِ سَطْحِ الدَّارِ أَوْ بِانْهِدَامِ مَحَلٍّ مُضِرٍّ بِالسُّكْنَى أَوْ عُرُوضِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى الْبِنَاءِ يُورِثُهُ الْوَهْنَ وَسَوَاءٌ كَانَ انْهِدَامُ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّ الْآجِرَ هَدَمَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ أَوْ بِجُرْحِ ظَهْرِ دَابَّةِ الْكِرَاءِ وَإِصَابَةِ دَابَّةِ الْكِرَاءِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ بِمَرَضٍ لَا يُمْكِنُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ بَعْدَهُ إلَّا الْقِيَامُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَا كَانَ يَشْتَغِلُ قَبْلًا.

فَهَذِهِ الصُّورَةُ وَمَا قَبْلَهَا الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (١) مُوجِبَةٌ لِلْخِيَارِ وَتُعَدُّ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَفِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْأَنْقِرْوِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

حَتَّى إنَّ الْأَجْرَ لَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ خِيَارٍ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ الطَّاحُونِ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الشَّرْطِ حُكْمٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٣) مَتْنَهَا وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) .

فَالصُّورَةُ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (١) هِيَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِلْعَيْبِ وَالصُّورَةُ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (٢) هِيَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي لَهُ وَقَدْ عُدَّتْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ الْعُيُوبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَحُدُوثُ الْعَيْبِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ يُوجِبُ الْخِيَارَ.

أَمَّا النَّوَاقِصُ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ كَانْهِدَامِ بَعْضِ مَحَالِّ الْحُجُرَاتِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ بَرْدٌ وَلَا مَطَرٌ أَوْ كَانْهِدَامِ حَائِطٍ لَيْسَ مِنْهُ نَفْعٌ لِلسُّكْنَى بَلْ كَانَتْ لِلتَّزْيِينِ فَقَطْ أَوْ كَانْقِطَاعِ عُرْفِ الدَّابَّةِ وَذَيْلِهَا أَوْ ذَهَابِ عَيْنِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ سُقُوطِ شَعْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَفُوتُ مَعَهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا خَلَلٌ فَأَمْثَالُ هَذَا النَّقْصِ لَا يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَهَذَا النَّقْصُ حَصَلَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ) .

الْخُلَاصَةُ: الْعَيْبُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْمَأْجُورِ عَلَى نَوْعَيْنِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْ إنَّهُ الْعَيْبُ الَّذِي يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَهَذَا مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَطَعَ الْآجِرُ شَجَرَةً مِنْ الْعَرْصَةِ الْمَأْجُورَةِ وَكَانَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةً فِي الْعَقْدِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ كَمَا أَنَّ ظُهُورَ كَوْنِ الْمَأْجُورِ مَغْصُوبًا عَيْبٌ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيّ. لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ تَصَرَّفَ بِمَالِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>