للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَرَهُ أَيْضًا تِلْكَ الْمُدَّةَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِهِ لَا تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَلَا تُعْتَبَرُ. لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالًا لَهُ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ إجَارَةً لَازِمَةً، ثُمَّ آجَرَ أَيْضًا ذَلِكَ الْمَالَ تِلْكَ الْمُدَّةَ نَفْسَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى، وَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ نَافِذَةً، وَلَا مُنْعَقِدَةً، وَتَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ بَتَاتًا لَا فِي حَقِّ الْآجِرِ، وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ نَفَاذِهِ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ مَسْأَلَتَانِ:

١ - بِمَا أَنَّ إجَارَةَ الْآجِرِ ثَانِيَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ مَوْقُوفَةً بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَلَهُ إذَا شَاءَ أَنْ يُجِيزَهَا وَالْأُجْرَةُ تَكُونُ لَهُ أَيْ إنَّهَا تَكُونُ مِلْكَهُ، وَإِذَا شَاءَ فَسَخَهَا وَأَبْطَلَهَا.

٢ - لَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَيْنِ ادَّعَيَا الْإِجَارَةَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِجَارَةِ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ إجَارَةَ الْآخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ أَنْ يُحَلِّفَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّفَهُ وَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ إجَارَتُهُ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ إجَارَتِهِ الْمَأْجُورَ مَرَّةً ثَانِيَةً لِآخَرَ بَعْدَ أَنْ أَجَرَهُ مَرَّةً أُولَى مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (خَانِيَّةٌ) .

وَيَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ نَفَاذِهَا فِي حَقِّ الْآجِرِ أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: لَوْ آجَرَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى بِالْإِقَالَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَلَا يَلْزَمُ الْآجِرَ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ (حَمَوِيٌّ) أَيْ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مَقِيسَةٍ عَلَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَشْبَاهُ) . وَلَيْسَ قَوْلُهُ (إجَارَةٌ لَازِمَةٌ) الْمُشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الصِّحَّةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَبِمَا أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ مَا لَمْ تُفْسَخْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا (الْخَيْرِيَّةُ) . غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ احْتِرَازٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ لِلْمُؤَجَّرِ خِيَارُ شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ كَذَا أَيَّامًا وَفِي خِلَالِ مُدَّةِ الْخِيَارِ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَنَفَذَتْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا وَآجَرَ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَسْخًا لِلْإِجَارَةِ فِعْلًا.

وَقَوْلُهُ (تِلْكَ الْمُدَّةُ) لِأَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُؤَجَّرُ ثَانِيَةً مُدَّةً أُخْرَى غَيْرَ تِلْكَ صَحَّ. مَثَلًا لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُخَلِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ أَجَرَهُ صَاحِبُهُ مِنْ آخَرَ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ، وَلَا تُحْسَبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةٌ مَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَأْجُورُ لَهُ فَارِغًا (الْبَزَّازِيَّة) . كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ مِنْ آخَرِ الشَّهْرِ، ثُمَّ آجَرَ تِلْكَ الدَّارَ فِي الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِهِ لِشَهْرِ صَفَرٍ فَالْإِجَارَتَانِ صَحِيحَتَانِ. فَتُسَلَّمُ الدَّارُ أَوَّلًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِ مُحَرَّمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>