للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ صَانِعٍ بِعَمَلِهِ أَثَّرَ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ حَبَسَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَبْسِ فَيَبْقَى أَمَانَةً كَمَا كَانَ عِنْدَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٤٨٢) .

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَدْ رَأَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَنْ يَجْرِيَ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ جَبْرًا إذَا تَلِفَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَيْ أَنَّهُمْ قَدْ اخْتَارُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الْإِفْتَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ بَعْدِ صُدُورِ الْمَجَلَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨٠١) .

الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّمَانُ إذَا كَانَ مُصْلِحًا وَإِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُصَالِحُ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ تَحْبِيذٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمَا بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالتَّنْقِيحُ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي سُلِّمَ إلَى الْأَجِيرِ لَيْسَ مَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ بِتَلَفِهِ مِنْ دُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مُصْحَفًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمُصْحَفُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ لَيْسَ الْمُصْحَفُ مِمَّا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالتَّنْقِيحُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ وَخُولِفَ الشَّرْطُ فَيَجْرِي عَلَى مَا يَجِيءُ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ:

١ - إذَا أَعْطَى أَحَدٌ صَبَّاغًا ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَصْبُغَهَا بِلَوْنِ كَذَا وَخَالَفَ الشَّرْطَ بِأَنْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا إذَا شَاءَ ضَمَّنَ الصَّبَّاغَ الثِّيَابَ بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَتَرَكَهَا لَهُ. وَإِذَا شَاءَ أَخَذَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْوَصْفِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثِّيَابَ لِلصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثِيَابَهُ وَدَفَعَ إلَى الْأَجِيرِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بِذَلِكَ الْوَصْفِ.

٢ - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حَكَاك الْأَخْتَامِ خَتْمًا لِيَنْقُشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ فَنَقَشَ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْمَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ قِيمَةَ الْخَتْمِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَنْقُوشًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْأَجِيرِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>