للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ دَيْنِي مِنْ مَالِك وَالرَّجُلُ وَعَدَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ الْأَدَاءِ فَلَا يَلْزَمُ بِوَعْدِهِ هَذَا عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ.

(مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) قُلْنَا إنَّ الْوَعْدَ الْمُجَرَّدَ لَا يُلْزِمُ الْوَاعِدَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِثَمَنٍ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِكَثِيرٍ أَيْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعًا مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرِي أَشْهَدَ بِمَحْضَرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا رَدَّ لَهُ الثَّمَنَ يَفْسَخُ لَهُ الْبَيْعَ فَيَجِبُ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الْوَعْدِ مِنْ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ وَفَاءٍ.

وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ عَلَى غَبْنٍ فَاحِشٍ وَالْمُشْتَرِي وَعَدَ بِإِعَادَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ رَدِّهِ الثَّمَنَ فَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ بَيْعُ وَفَاءٍ وَبِمَا أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ فَيُمْكِنُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ.

[ (الْمَادَّةُ ٨٥) الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

(الْمَادَّةُ ٨٥) :

الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ هَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَفْسُ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَهِيَ الْمَادَّةُ ٨٧ (الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ) :

وَالْمَادَّةُ ٨٨ كُلُّهَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

الْخَرَاجُ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ أَيْ مَا يُنْتَجُ مِنْهُ مِنْ النِّتَاجِ وَمَا يُغَلُّ مِنْ الْغَلَّاتِ كَلَبَنِ الْحَيَوَانِ وَنَتَائِجِهِ، وَبَدَلِ إجَارَةِ الْعَقَارِ، وَغِلَالِ الْأَرْضِينَ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ. وَيُقْصَدُ بِالضَّمَانِ الْمُؤْنَةُ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَمَصَارِيفِ الْعِمَارَةِ لِلْعَقَارِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ مَنْ يَضْمَنُ شَيْئًا لَوْ تَلِفَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ مَثَلًا لَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي حَيَوَانًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَكَانَ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الرَّدِّ لَكَانَ مِنْ مَالِهِ.

يَعْنِي أَنَّ مَنْ يَضْمَنُ شَيْئًا إذَا تَلِفَ يَكُونُ نَفْعُ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ضَمَانِهِ حَالَ التَّلَفِ وَمِنْهُ أُخِذَ قَوْلُهُمْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ.

وَقَدْ حَكَمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْأُجْرَةِ لِلْبَائِعِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» نَقَضَ ذَلِكَ الْحُكْمَ.

وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ سُؤَالَيْنِ وَأَجَابَ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ مَا يَأْتِي: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ فِي الشَّيْءِ مُقَابِلَ ضَمَانِهِ لَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٣٩٣) فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٢٣٦) أَنَّ الثَّمَرَةَ أَوْ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ تَعُودُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ يَا تُرَى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>