للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ الثَّانِي: دَعْوَى الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالْحُكْمُ بِالرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (مَا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ) .

مَثَلًا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) الَّذِي أَعْطَاهُ إلَى الْبَائِعِ وَاَلَّذِي ضُبِطَ مِنْ يَدِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحُكْمِ وَسَيَحْصُلُ بِرَدِّ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ إلَيْهِ وَبِذَلِكَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْبَيْعِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَصْبَحَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٥١) غَيْرَ قَابِلٍ لِإِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِسِرَايَةِ هَذَا الْحُكْمِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى صَلَاحِيَّتِهِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (٦٤٤) إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا أَيْضًا أَنَّهُ إذَا فَسَخَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ صَرَاحَةً بَعْدِ إقَامَةِ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ بِمُوجِبِهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٣٧٨) .

وَبِمَا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَا أَيْ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي وَمِنْ هُنَا يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: (بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْكَفَالَةِ) .

وَالْمَقْصُودُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقِسْمُ الثَّانِي، أَيْ الِاسْتِحْقَاقُ الَّذِي يَنْقُلُ الْمِلْكِيَّةَ أَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي يُبْطِلُ الْمِلْكِيَّةَ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى مُحَاكَمَةٍ ثَانِيَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَهَذَانِ الِاسْتِحْقَاقَانِ قَدْ مَرَّ إيضَاحُهُمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦١٦) .

مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى أَنَّ الْعَرْصَةَ الَّتِي بَاعَهَا أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ هِيَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ ادِّعَاءَهُ فَحُكِمَ لَهُ بِذَلِكَ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ فِي الْحَالِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَيْسَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ.

وَعَلَيْهِ لَوْ وُضِعَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ لَشَمِلَتْ جَمِيعَ الصُّوَرِ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا فِي الشَّرْحِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبِيعِ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَكُونُ أَحْيَانًا بِرَدِّ الثَّمَنِ وَأَحْيَانًا بِالْحُكْمِ بِالْوَقْفِيَّةِ أَوْ بِفَسْخِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ بَعْدَ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ.

لَكِنْ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) احْتِرَازٌ عَنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي كَفَالَةِ الْكَفِيلِ مُقَيَّدٌ بِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ.

وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ يَضْمَنُ الْمَكْفُولَ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ مَعَ الْمَكْفُولِ بِهِ الضَّرَرَ الْمُبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (٦٥٨) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَفَالَةٌ بِذَلِكَ. اسْتِطْرَادٌ - فِي كَوْنِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ مَانِعَةً لِدَعْوَى التَّمَلُّكِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ.

إنَّ الشَّخْصَ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ بِكَفَالَتِهِ يَكُونُ قَدْ صَدَّقَ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>