للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي أَكْفُلُ بِدَيْنِك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ عِنْدِي وَإِذْ لَمْ يَرْهَنْهُ عِنْدِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ هَذَا إذَا رَهَنَ ذَلِكَ الْمَالَ وَإِذَا لَمْ يَرْهَنْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ أَصْبَحَ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ.

أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ هَذَا الْمَالَ عِنْدِي، فَتَبْقَى كَفَالَتُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ الرَّهْنَ وَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي فَسْخِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .

وَلَكِنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ تَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ.

أَمَّا بَعْدَ تَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْهَا.

(١) مَثَلًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ كَفَلَ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِهِ مُنَجَّزًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ (٢) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ عَقْدِ الْكَفَالَةِ لَكِنَّ تَرَتُّبَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى عَقْدِ الْكَفَالَةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ دَيْنًا مُتَرَتِّبًا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ. وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ: إذَا بِعْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا سَتَبِيعُهُ مِنْ فُلَانٍ) يَضْمَنُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ.

وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٣٦) مَا هُوَ بِمَعْنَاهَا وَإِنَّمَا جَاءَتْ تَوْطِئَةً لِلْفِقْرَةِ الَّتِي تَلِيهَا. لَكِنْ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْكَفِيلِ ثَمَنَ مَالٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلِلْكَفِيلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَيْضًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَلْزَمُ بَعْدَ الْمُبَايَعَةِ وَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ ذِمَّتَهُ.

وَالسَّبَبُ فِي وُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ الدَّائِنَ أَوْ الطَّالِبَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي بِعْت مَالِي مِنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنِّي كُنْت عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَخْذِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْكَفِيلِ، وَالرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ تَغْرِيرٌ بِالدَّائِنِ، أَمَّا الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَنَظَرًا لِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَنْ نَهْيٍ عَنْ الْمُبَايَعَةِ وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ تَغْرِيرٍ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ الطَّالِبَ بِإِخْرَاجِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِئَلَّا يَبْقَى مَغْرُورًا بِكَفَالَتِهِ.

وَالْإِعْلَامُ يَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تَبِعْ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ مَالًا، فَلَوْ بَاعَ الْمَكْفُولُ لَهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى (أَيْ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ) مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَمْرِ وَهَذَا الْأَمْرُ غَيْرُ لَازِمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>