للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا أُبْرِئَ الْكَفِيلُ أُبْرِئَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إبْرَاءِ إسْقَاطٍ وَكَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا بِهَذَا الْإِبْرَاءِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا أُبْرِئَ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ.

لَكِنْ إذَا وَهَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الدَّيْنَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى قَبُولِ الْكَفِيلِ، وَإِذَا قَبِلَ الْكَفِيلُ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْضًا.

فَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ تَبَيَّنَ هُنَا اخْتِلَافُ حُكْمِ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ لِلْكَفِيلِ.

أَمَّا حُكْمُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِلْأَصِيلِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْإِبْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٦٢) (النُّزْهَةُ عَلَى الْأَشْبَاهِ) ، وَتُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ:

الْأُولَى - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ أَسْتَحِقُّهُ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ مَا لَمْ يَقُلْ الْمَكْفُولُ لَهُ: (لَيْسَ لِي حَقٌّ أَسْتَحِقُّهُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ وِلَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ أَوْ وِصَايَةٌ مُطْلَقًا) فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْكَفَالَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نُقُودًا مَوْقُوفَةً وَبَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْمُتَوَلِّي الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي هُوَ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ لِنَفْسِهِ فَإِبْرَاؤُهُ الْكَفِيلَ أَوْ إخْرَاجُهُ إيَّاهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا مَالَ الْوَقْفِ أَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ مُتَوَلِّيًا غَيْرَهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ التَّوْلِيَةِ أَوْ تُوُفِّيَ وَنُصِّبَ هَذَا بَعْدَهُ مُؤَخَّرًا فَإِخْرَاجُهُ الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي قُبَيْلَ نَوْعٍ آخَرَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ) .

لَاحِقَةٌ - فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِشَرْطٍ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ ، فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَالَ آخَرُونَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ مُطْلَقًا وَقَالَ فَرِيقٌ بِصِحَّتِهِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُلَائِمًا، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَائِمٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٢) .

فَإِذَا قِيلَ (إذَا جَاءَ الْغَدُ) أَوْ (إذَا دَخَلَ فُلَانٌ دَارِهِ) فَالتَّعْلِيقُ بَاطِلٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَمَّا إذَا قِيلَ: (إذَا أَعْطَيْتَنِي ثَمَانِمِائَةِ قِرْشٍ سَلَفًا مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي عَلَيْكَ دَيْنًا أَوْ إذَا أَعْطَيْتَنِي مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ الْمَكْفُولِ بِهَا مُؤَجَّلَةً ثَمَانِمِائَةٍ سَلَفًا أُبْرِئُكَ بِالْبَاقِي) صَحَّ هَذَا التَّعْلِيقُ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْمُلْتَقَى وَشَرْحُهُمَا) أَمَّا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَعَلَى وُجُوهٍ: فَفِي وَجْهٍ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْكَفِيلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي وَجْهٍ يَصِحَّانِ كَمَا إذَا كَانَ كَفِيلًا بِالْمَالِ أَيْضًا وَشَرَطَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ وَيُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَفِي وَجْهٍ يَبْطُلَانِ كَمَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>