للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرْقُومِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٦٥٧ أَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلرُّجُوعِ، وَلَا يَأْتِي الْجَوَابُ الْمُعْطَى عَلَى الْبَحْثِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ بِخُصُوصِ شَرْطِ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا بِفَائِدَةٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ وَاخْتِيَارَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ مَوْجُودَتَانِ، وَإِحَالَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْإِحَالَةُ احْتِيَالًا، عَلَى أَنَّهُ صُرِّحَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ إحَالَةَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمَحْجُورِ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ لِلْمُحَالِ لَهُ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ، فَنُقِلَ مَا جَاءَ فِيهَا كَمَا يَلِي: إذَا أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ بِمَالِ لِأَحَدٍ وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ أَحَالَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَوَالَةَ فَلِلشَّخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الْمَالِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْحَوَالَةِ) .

الْجَوَابُ - إنَّ اشْتِرَاطَ بُلُوغِ الْمُحِيلِ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ لِإِمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، فَإِذَا بَلَغَ الْمُحِيلُ أَثْنَاءَ الْحَوَالَةِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُحِيلُ غَيْرَ بَالِغٍ وَإِنْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَصِحَّةُ هَذَا الْجَوَابِ تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ صَرَاحَةٍ تَنُصُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إحَالَةِ الْمُحِيلِ كَافِيَةٌ لِرُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَفِي الْوَاقِعِ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٦٥٧ أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ وَرَضِيَ الْأَصِيلُ قَبْلَ رِضَا وَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ كَانَ هَذَا الرِّضَا مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ ٦٩١ وَ ٦٧٨) ، فَهَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ أَيْضًا فِكْرُ الْمُؤَلِّفِ الْخَاصُّ وَعَلَيْهِ لَدَى الْإِيجَابِ يَلْزَمُ تَحَرِّي الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا إذَا قَبِلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ حَوَالَةً وَصَارَ مُحَالًا لَهُ وَأَذِنَ وَلِيُّهُ فَلِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَالْإِجَازَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ وَأَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) ، كَمَا أَنَّهُ فِي قَبُولِ الْأَبِ بِالْوِلَايَةِ وَالْوَصِيِّ بِالْوِصَايَةِ مَالَ الْيَتِيمِ يَعْنِي دَيْنَهُ الَّذِي لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِ هَذَا الْأَبِ أَوْ هَذَا الْوَصِيِّ بَلْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْمُتَوَفَّى وَانْتَقَلَ بِوَفَاتِهِ إلَى الْيَتِيمِ حَوَالَةً يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ وَأَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ فَائِدَةٌ لِأَجْلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِمْ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٥٨ وَالْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (٩٦٧) ، وَمِنْهُ مَا لَوْ احْتَالَ إلَى أَجَلٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِكَوْنِهِ إبْرَاءً مُوَقَّتًا فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي قَبِلَهَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ فَلَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْيَسَارِ، وَالْحَوَالَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ بِتَعْبِيرِ (أَمْلَأُ) أَيْ بِاسْمِ التَّفْضِيلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جُعِلَ مَشْرُوعًا لِأَجْلِ الْفَائِدَةِ، وَالْعَقْدُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>