للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي حَوَالَةِ دَيْنٍ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ مَالٌ وَيُوفَى ثَمَنُهُ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُحِيلَ أَحَدُهُمْ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالًا مُعَيَّنًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُحِيلِ، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ مَعَ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ وَقْتَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُحِيلِ وَيُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرْضَى الْمُحَالُ لَهُ أَيْضًا، تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا؛ لِأَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ قُدْرَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَإِيفَاءِ الْمُحَالِ بِهِ، وَحَيْثُ إنَّ فِي هَذَا الْخُصُوصِ نَظِيرَ الْمَادَّةِ (٧٦٠) يُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَدَاءِ، الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ. فَإِذًا الْإِجْبَارُ لِلْبَيْعِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مَعًا وَإِلَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ. كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ صَحَّ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا بَاعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَى ثَمَنَهُ لِلْمُحَالِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفِ الدَّيْنَ تَمَامًا لَا يُطْلَبُ بَاقِيهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَيَقُولُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) : إنَّهُ فِي حَالَةِ إذْنِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ مَالِهِ لَهُ - أَيْ لِلْمُحِيلِ - أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إذْنِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْبَيْعِ وَأَنْ يَنْهَى الْمُحَالَ عَلَيْهِ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَنَّ الرُّجُوعَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْبَيْعِ جَائِزٌ أَيْضًا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ (عَبْدِ الْحَلِيمِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إذْنِهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَذِنَ بِبَيْعِ مَالِهِ بَعْدَ أَنْ تَجْرِيَ وَتَتِمَّ الْحَوَالَةُ بِلَا شَرْطٍ، وَتُسْتَفَادُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَصْوِيرِ صُدُورِ هَذَا الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ بَيْعِ مَالِ الْمُحِيلِ مِنْ الْمُحَالِ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُحِيلِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (٦٨١) شَرْطٌ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى إجْرَاءِ ذَلِكَ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩٦) .

مِثَالٌ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: (خُذْ عَلَيْك حَوَالَةَ دَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عِنْدَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَ كَذَا مِنْ مَالِهِ وَتُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ) وَقَبِلَ الْآخَرُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - قَبُولُ الْحَوَالَةِ عَلَى أَنْ يُبَاعَ مَالُ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدَّى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ. يَعْنِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةُ) فَعَلَيْهِ تَعْبِيرُ (مَالًا لَهُ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ كَانَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - قَبُولُ شَخْصٍ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَبِيعَ مَالًا لَهُ وَيَفِيَ الدَّيْنَ، يَعْنِي إذَا قَبِلَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالًا لَهُ وَيَفِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>