للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يُعَادَ إلَى الْعَدْلِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. لِأَنَّ الْعَدْلَ كَمَا أَنَّهُ مُسْتَوْدَعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ عَيْنِ الْمَرْهُونِ فَهُوَ مُسْتَوْدَعُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ مَالِيَّةِ الْمَرْهُونِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٧٩٠) أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ (الْهِدَايَةُ) .

ثُمَّ أَنَّهُ أَعْطَى الْعَدْلَ الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ قَدْ أَعْطَى مِلْكَ الْغَيْرِ آخَرَ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٩٦) غَيْرُ جَائِزٍ إذَا أَعْطَاهُ الرَّاهِنُ أَيْضًا يَكُونُ أَبْطَلَ يَدَ الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا تَعَدٍّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٠) . .

مَاذَا يَكُونُ بَدَلُ الضَّمَانِ؟ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَقْبِضُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْعَدْلِ وَيُعْطِيَانِهَا بِالتَّرَاضِي الْعَدْلَ الْمَرْقُومَ أَوْ عَدْلًا آخَرَ. وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا يُرَاجِعَانِ الْحَاكِمَ وَالْحَاكِمُ يَضَعُهَا فِي يَدِ عَدْلٍ. وَالْأَمْثَلُ أَنْ تُقْبَضَ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ وَلَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِيمَةُ مَوْضُوعَةً رَهْنًا عِنْدَ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَدْلِ فَإِذَا قَصَدَ إقَامَتَهَا رَهْنًا فِي يَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَ أَنْ يَكُونُ الْعَدْلُ مُوفِيًا وَمُسْتَوْفِيًا لِلدَّيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَبِالنَّظَرِ لِوُجُودِ الْمُنَافَاةِ التَّامَّةِ بَيْنَ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَلَا يُمْكِنُ لِهَاتَيْنِ الصَّفْقَتَيْنِ أَنْ تَجْتَمِعَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَكِنْ تَجْرِي فِي هَذَا التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ.

حُكْمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ الرَّاهِنَ: إذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ الرَّاهِنَ وَلِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ وَتُودَعُ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِرَأْيِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ بِرَأْيِ الْحَاكِمِ عِنْدَهُ ثَانِيَةً أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ آخَرَ فَإِذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ تَبْقَى الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مَالًا لِلْعَدْلِ وَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ أَخَذَ مَالَهُ بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ فَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا يَكُونُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ. فَلَوْ صَارَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَوَجَبَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ.

حُكْمُ الضَّمَانِ لَوْ أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ: إذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنٍ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يَأْخُذُ الرَّاهِنُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ أَوْ مِمَّنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَرْهُونِ لَمْ تَصِلْ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ وَصَارَ الْعَدْلُ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ بِالضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُنْظَرُ: إذَا كَانَ الْعَدْلُ أَعْطَى الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَقَالَ لَهُ مَثَلًا (هَذَا رَهْنُكَ خُذْهُ مُقَابِلَ مَطْلُوبِكَ) يَرْجِعُ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ أَيْضًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقِيمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءً أَكَانَ هَلَاكُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِاسْتِهْلَاكِهِ أَمْ بِدُونِهِ لِأَنَّ هَذَا الْإِعْطَاءَ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ يَأْخُذُ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ ٧٨٧ و ٨١٤) . (الْهِنْدِيَّةُ والشرنبلالي) . وَأَمَّا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي صُورَةِ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّ الْعَدْلَ حَيْثُ إنَّهُ مَالِكُ الْمَرْهُونِ بِالضَّمَانِ اسْتِنَادًا لِوَقْتِ التَّسْلِيمِ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>