للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي شُرْبِ النَّخْلِ مِنْ السَّيْلِ أَنَّ الْأَعْلَى يَشْرَبُ قَبْلَ الْأَسْفَلِ، وَيَتْرُكُ الْمَاءَ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْمَاءَ إلَى الْأَسْفَلِ الَّذِي يَلِيهِ وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَوَائِطُ أَوْ يَفْنَى الْمَاءُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ. وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ لِأَرْضِ أَحَدِهِمْ أَعْلَى وَأَسْفَلُ) بِأَنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي ذَلِكَ (سُقِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ: انْفِرَادِهِ فِي مَحِلِّهِ، (وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فِي قُرْبٍ) مِنْ أَوَّلِ نَهْرٍ (قُسِّمَ) الْمَاءُ بَيْنَهُمْ (عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ) فَلَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ جَرِيبٌ وَلِآخَرَ جَرِيبَانِ وَلِثَالِثٍ ثَلَاثَةٌ، فَلِلْأَوَّلِ سُدُسٌ وَلِلثَّانِي ثُلُثٌ وَلِلثَّالِثِ نِصْفٌ كَمَا لَوْ كَانُوا سِتَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ جَرِيبٌ، (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ بَيْنَهُمْ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ قَسْمُهُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَيَسْقِي مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرِينَ فَيَسْقِي مِنْ قُرِعَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَتْرُكُهُ لِلْآخَرِ، (فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ) الْمَاءُ (عَنْ وَاحِدٍ) مَعَ التَّسَاوِي فِي الْقُرْبِ (سَقَى الْقَارِعُ بِقَدْرِ حَقِّهِ) لِمُسَاوَاتِهِ مَنْ لَمْ تَخْرُجْ لَهُ الْقُرْعَةُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ لِلتَّقْدِيمِ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ لَا فِي أَصْلِ الْحَقِّ بِخِلَافِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَسْفَلِ

. (وَإِنْ أَرَادَ إنْسَانٌ إحْيَاءَ أَرْضٍ يَسْقِيهَا مِنْهُ) أَيْ: السَّيْلِ أَوْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ (لَمْ يُمْنَعْ) مِنْ الْإِحْيَاءِ ; لِأَنَّ حَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ فِي الْمَاءِ لَا فِي الْمَوَاتِ (مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ) فَإِنْ ضَرَّهُمْ فَلَهُمْ مَنْعُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ عَنْهُمْ (وَلَا يَسْقِي قَبْلَهُمْ) إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ وَأَحْيَى لِسَبْقِهِمْ لَهُ إلَى النَّهْرِ ; وَلِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الْأَرْضَ بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا قَبْلَهُ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حُقُوقِهَا وَسَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِالسَّقْيِ مِنْ حُقُوقِهَا

. (وَلَوْ أَحْيَا سَابِقٌ) مَوَاتًا (فِي أَسْفَلِهِ) أَيْ النَّهْرِ (ثُمَّ) أَحْيَا (آخَرُ) مَحِلًّا (فَوْقَهُ) أَيْ: الْأَوَّلِ (ثُمَّ) أَحْيَا (ثَالِثٌ) مَحِلًّا (فَوْقَ ثَانٍ سَقَى الْمُحْيِي أَوَّلًا) وَهُوَ الْأَسْفَلُ. ثُمَّ سَقَى ثَانٍ فِي الْإِحْيَاءِ، وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الْأَسْفَلِ (ثُمَّ) سَقَى (ثَالِثٌ) أَيْ: الَّذِي فَوْقَ الثَّانِي اعْتِبَارًا بِالسَّبْقِ إلَى الْإِحْيَاءِ لَا إلَى أَوَّلِ النَّهْرِ. لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ الْأَرْضَ مَلَكَهَا بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا

. (وَإِنْ حُفِرَ نَهْرٌ صَغِيرٌ وَسِيقَ مَاؤُهُ مِنْ نَهْرٍ كَبِيرٍ مَلَكَهُ) أَيْ: مَلَكَ الْحَافِرُ الْمَاءَ الدَّاخِلَ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ: النَّهْرُ (بَيْنَ جَمَاعَةٍ) اشْتَرَكُوا فِي حَفْرِهِ (عَلَى حَسَبِ عَمَلٍ وَنَفَقَةٍ) لِأَنَّهُ مُلِكَ بِالْعِمَارَةِ. وَهِيَ الْعَمَلُ وَالنَّفَقَةُ (فَإِنْ) كَفَاهُمْ لِمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِيهَا فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ (لَمْ يَكْفِهِمْ وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ) بِمُهَايَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (جَازَ) لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ (وَإِلَّا) يَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ وَتَشَاحُّوا (قَسَمَهُ) أَيْ: الْمَاءَ بَيْنَهُمْ (حَاكِمٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>