للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَسَوَاءٌ أَرَادَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ بِالرُّجُوعِ أَوْ لَا. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَافِرًا وَهَبَ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ شَيْئًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْوَلَدُ. وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَنْ. وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِهَا (وَلَوْ تَعَلَّقَ بِمَا وَهَبَهُ) الْأَبُ لِوَلَدِهِ (حَقٌّ كَفَلَسٍ) بِأَنْ أَفْلَسَ الْوَالِدُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ (أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ (رَغْبَةً كَتَزْوِيجٍ) بِأَنْ زُوِّجَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ رَغْبَةً فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالرُّجُوعُ فِي الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ (إلَّا إذَا وَهَبَهُ) أَيْ: وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (سُرِّيَّةً لِلْإِعْفَافِ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا (وَلَوْ اسْتَغْنَى) الِابْنُ عَنْهَا بِتَزَوُّجِهِ أَوْ شِرَائِهِ غَيْرَهَا وَنَحْوِهِ. وَإِنْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ نَصًّا لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ (أَوْ) أَيْ: وَإِلَّا (إذَا أَسْقَطَ) الْأَبُ (حَقَّهُ مِنْهُ) أَيْ: الرُّجُوعِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ فَيَسْقُطُ، خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مُجَرَّدُ حَقِّهِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَرْأَةِ لِإِثْمِهِ بِالْعَضْلِ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ (نَقْصُ) عَيْنٍ مَوْهُوبَةٍ بِيَدِ وَلَدٍ سَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَوْ ذَاتُهَا بِتَآكُلِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا أَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا أَوْ جَنَى فَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَنَحْوِهِ. فَإِنْ رَجَعَ فَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنِ لَهُ، وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ لِلِابْنِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَمْنَعُهُ (زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ) كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ (وَهِيَ) أَيْ الزِّيَادَةُ (لِلْوَلَدِ) لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ، وَلَا تُتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ فَكَذَا هُنَا (إلَّا إذَا حَمَلَتْ الْأَمَةُ) الْمَوْهُوبَةُ لِلْوَلَدِ (وَوَلَدَتْ) عِنْدَهُ (فَيُمْنَعُ) الرُّجُوعُ (فِي الْأُمِّ) الْمَوْهُوبَةِ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا (وَتَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ لِزِيَادَةٍ (الْمُتَّصِلَةُ) كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَمْلٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا إنْمَاءُ مِلْكِهِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ. فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ فِيهَا كَالْمُنْفَصِلَةِ. وَإِذَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ فِيهَا امْتَنَعَ فِي الْأَصْلِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَضَرَرِ التَّشْقِيصِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ رَضِيَ بِبَذْلِ الزِّيَادَةِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ زَادَ بِبُرْئِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صَمَمٍ مُنِعَ الرُّجُوعُ كَسَائِرِ الزِّيَادَاتِ (وَيُصَدَّقُ أَبٌ فِي عَدَمِهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ. لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لَهَا. وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا.

(وَ) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (رَهْنُهُ) اللَّازِمُ لِمَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ. لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَإِضْرَارًا بِهِ (إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ) الرَّهْنُ بِوَفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ إذَنْ، لِأَنَّ مِلْكَ الِابْنِ لَمْ يَزُلْ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ.

(وَ) تَمْنَعُ الرُّجُوعَ (هِبَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>