للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ أَوْ الْوَطْءِ فِيهِ أَوْ بِهِمَا وَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَوَطِئَهَا وَلِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي عَلَى التَّأْبِيدِ فَهَذَا أَوْلَى وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ خَالَفَهُ فِيهِ عَلِيٌّ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَإِنَّ عَلِيًّا قَالَ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَهُوَ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى الشُّبَهِ، وَرَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ.

(وَتَتَعَدَّدُ) عِدَّةٌ (بِتَعَدُّدِ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ) لِحَدِيثِ عُمَرَ وَلِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مَقْصُودَانِ لِآدَمِيَّيْنِ فَلَمْ يَتَدَاخَلَا كَالدَّيْنَيْنِ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ مِنْ وَاحِدٍ فَعِدَّةٌ وَاحِدَةٌ وَ (لَا) تَتَعَدَّدُ الْعِدَّةُ بِتَعَدُّدِ وَاطِئٍ (بِزِنًا) قَالَ: فِي شَرْحِهِ فِي الْأَصَحِّ.

وَفِي التَّنْقِيحِ وَهُوَ أَظْهَرُ انْتَهَى هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَمْدَانَ لِعَدَمِ لُحُوقِ النَّسَبِ فِيهِ فَبَقِيَ لِقَصْدِ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَعَلَيْهِ فَعِدَّتُهَا مِنْ آخِرِ وَطْءٍ وَقُدِّمَ فِي الْمُبْدِعِ وَالتَّنْقِيحِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُقْنِعِ تَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ زَانٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ.

(وَكَذَا أَمَةٌ) غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ (فِي اسْتِبْرَاءٍ) فَيَتَعَدَّدُ الِاسْتِبْرَاءُ بِتَعَدُّدِ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ لَا بِزِنًا قِيَاسًا عَلَى الْحُرَّةِ.

(وَمَنْ طَلُقَتْ طَلْقَةً) رَجْعِيَّةً (فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلُقَتْ) طَلْقَةً (أُخْرَى) وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا (بَنَتْ) عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا ; لِأَنَّهُمَا طَلَاقَانِ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا وَطْءٌ وَلَا رَجْعَةٌ أَشْبَهَا الطَّلْقَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

(وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةَ الطَّلَاقِ الثَّانِي ; لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَزَالَتْ شَعَثَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَأَعَادَتْ الْمَرْأَةَ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ (كَفَسْخِهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ النِّكَاحَ (بَعْدَ رَجْعَةٍ لِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَعُنَّةٍ أَوْ إيلَاءٍ فَإِنْ فُسِخَتْ بِلَا رَجْعَةٍ بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا بَنَتْ) عَلَى مَا مَضَى مِنْ طَلَاقِهَا ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ الثَّانِي فِي نِكَاحٍ ثَانٍ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ فَلَمْ يُوجِبْ عِدَّةً لِعُمُومِ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] " الْآيَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إعَادَةٌ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَالطَّلَاقُ فِي عِدَّتِهَا طَلَاقٌ مِنْ نِكَاحٍ وَاحِدٍ فَكَانَ اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ فِي ذَلِكَ أَظْهَرَ لِأَنَّهَا مَدْخُولٌ بِهَا وَلَوْلَا الدُّخُولُ لَمَا كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَفِي الْبَائِنِ بَعْدَ النِّكَاحِ طَلَاقٌ عَنْ نِكَاحٍ مُتَجَدِّدٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ دُخُولٌ وَلِذَلِكَ يَتَنَصَّفُ بِهِ الْمَهْرُ (وَإِنْ انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا أَيْ الْبَائِنِ (قَبْلَ طَلَاقِهِ) ثَانِيًا وَقَدْ نَكَحَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَلَا عِدَّةَ لَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>