للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ

وَلِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الِاثْنَيْنِ الْمُتَبَاعِدَيْنِ يَسْتَقْبِلَانِ قِبْلَةً وَاحِدَةً وَعَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ لَا يُقَالُ: مَعَ الْبُعْدِ يَتَّسِعُ الْمُحَاذِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّسِعُ مَعَ التَّقَوُّسِ، لَا مَعَ عَدَمِهِ (وَيُعْفَى عَنْ انْحِرَافٍ يَسِيرٍ) يَمْنَةً وَيَسْرَةً، لِلْخَبَرِ، وَإِصَابَةُ الْعَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ مُتَعَذِّرَةٌ. فَسَقَطَتْ وَأُقِيمَتْ الْجِهَةُ مَقَامَهَا لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَعْرِفَةُ فَرْضِهِ، مِنْ عَيْنٍ أَوْ جِهَةٍ (بِخَبَرِ مُكَلَّفٍ عَدْلٍ ظَاهِرًا وبَاطِنًا) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (عَنْ يَقِينٍ) وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِالْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ، أَوْ نَجْمٍ، فَأَخَذَ الْقِبْلَةَ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَمْ يَجْتَهِدْ كَالْحَاكِمِ يَجِدُ النَّصَّ. وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِخَبَرِ صَغِيرٍ، وَلَا فَاسِقٍ وَلَا عَدْلٍ أَخْبَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَى قِبْلَتِهِ ; أَيْ الْفَاسِقِ فِي بَيْتِهِ.

وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: إنْ كَانَ هُوَ عَمِلَهَا فَهُوَ كَإِخْبَارِهِ بِهَا وَإِنْ شَكَّ فِي حَالِهِ قُبِلَ فِي قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ. لَا إنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (أَوْ) أَمْكَنَهُ (الِاسْتِدْلَال) عَلَى الْقِبْلَةِ (بِمَحَارِيبَ عُلِمَ أَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ) عُدُولًا كَانُوا أَوْ فُسَّاقًا (لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ) لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَكْرَارِ الْأَعْصَارِ إجْمَاعٌ عَلَيْهَا. وَإِنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ وَلَمْ يَعْلَمْهَا لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ بِقَرْيَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مَحَارِيبَ يَعْمَلُ بِهَا لَزِمَهُ السُّؤَالُ.

(وَمَتَى اشْتَبَهَتْ) الْقِبْلَةُ (سَفَرًا) وَحَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ (اُجْتُهِدَ فِي طَلَبِهَا) وُجُوبًا (بِالدَّلَائِلِ) جَمْعِ دَلِيلٍ بِمَعْنَى دَالٍّ، لِأَنَّ مَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَجَبَ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ عِنْدَ خَفَائِهِ، كَالْحَاكِمِ فِي الْحَادِثَةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَعَلُّمُهَا) أَيْ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (مَعَ أَدِلَّةِ الْوَقْتِ) وَلَمْ يَجِبْ لِنُدْرَتِهِ (فَإِنْ دَخَلَ) الْوَقْتُ (وَخَفِيَتْ عَلَيْهِ) أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ (لَزِمَهُ) تَعَلُّمُهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ مَعَ قِصَرِ زَمَنِهِ، فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهُ لَمْ تَصِحَّ،

ذَكَرَهُ فِي الشَّارِحِ (وَيُقَلِّدُ لِضَيْقِهِ) أَيْ الْوَقْتِ عَنْ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ. وَلَا يُعِيدُ: لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلضَّرُورَةِ كَشِدَّةِ الْخَوْفِ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ، وَالدَّلِيلُ هُنَا: أُمُورٌ، أَصَحُّهَا النُّجُومُ، قَالَ تَعَالَى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] وَقَالَ تَعَالَى: {جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا} [الأنعام: ٩٧] وَقَالَ عُمَرُ " تَعَلَّمُوا مِنْ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ الْقِبْلَةَ وَالطَّرِيقَ " وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَحْمَدَ: مَا تَرَى فِي تَعَلُّمِ هَذِهِ النُّجُومِ، الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>