للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَكَذَلِكَ) أَيْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِمَا سَبَقَ (وَإِلَّا) يَعْلَمْ الرَّامِي بِالْحُوتِ مَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ. فَالدِّيَةُ (أَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ غَيْرِ مُسْبِعٍ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْهُ. فَالدِّيَةُ) لِهَلَاكِهِ بِفِعْلِهِ، وَلَا قَوَدَ ; لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

(وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) فَفَعَلَ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ (أَوْ) أَكْرَهَهُ (عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (فَفَعَلَ) أَيْ أَكْرَهَ مَنْ قَتَلَهُ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (الْقَوَدُ) أَمَّا الْآمِرُ فَلِتَسَبُّبِهِ إلَى الْقَتْلِ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا، كَمَا لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً أَوْ أَسَدًا أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ. وَأَمَّا الْقَاتِلُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَسْلُوبِ الِاخْتِيَارِ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِبْقَاءَ نَفْسِهِ بِقَتْلِ غَيْرِهِ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَأْثَمُ، وَلَوْ كَانَ مَسْلُوبَ الِاخْتِيَارِ لَمْ يَأْثَمْ كَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ.

(وَ) قَوْلُ قَادِرٍ عَلَى مَا هَدَّدَ بِهِ غَيْرَهُ (اُقْتُلْ نَفْسَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ إكْرَاهٌ) عَلَى الْقَتْلِ فَيُقْتَلُ بِهِ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ.

(وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْقَتْلِ كَمَنْ نَشَأَ بِغَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَتَلَ لَزِمَ الْآمِرُ الْقِصَاصَ أَجْنَبِيًّا كَانَ الْمَأْمُورُ أَوْ عَبْدًا لِلْآمِرِ ; لِأَنَّ الْمَأْمُورَ غَيْرَ الْعَالِمِ بِحَظْرِ الْقَتْلِ لَهُ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَهُ صَيْدًا وَلِأَنَّ حِكْمَةَ الْقِصَاصِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي مُعْتَقِدِ الْإِبَاحَةِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَجَبَ عَلَى الْآمِرِ ; لِأَنَّ الْمَأْمُورَ إذَنْ آلَةٌ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَمَا لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً فَقَتَلَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ حَظْرَ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمَأْمُورِ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ وَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَانْقَطَعَ حُكْمُ الْآمِرِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ.

(أَوْ) أَمَرَ بِالْقَتْلِ (صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) فَقَتَلَ لَزِمَ الْقِصَاصُ الْآمِرَ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ أَمَرَ بِهِ) أَيْ الْقَتْلِ (سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ) أَيْ الْقِتَالِ (لَزِمَ) الْقِصَاصُ (الْآمِرَ) لِعُذْرِ الْمَأْمُورِ لِوُجُوبِ طَاعَةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ (وَإِنْ عَلِمَ) الْمَأْمُورُ (الْمُكَلَّفُ) وَلَوْ عَبْدَ الْآمِرِ (تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْقَتْلِ (لَزِمَهُ) الْقِصَاصُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي فِعْلِهِ لِحَدِيثِ " «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» " وَحَدِيثِ " «مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْ الْوُلَاةِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ» " وَسَوَاءٌ كَانَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

(وَ) حَيْثُ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمَأْمُورِ (أُدِّبَ آمِرُهُ) بِمَا يَرْدَعُهُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ لِيَنْكَفَّ عَنْ الْعَوْدِ لَهُ

(وَمَنْ دَفَعَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (آلَةَ قَتْلٍ) كَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ (وَلَمْ يَأْمُرْهُ) الدَّافِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>