للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافِي بِإِسْنَادِهِ.

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ " كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً " رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَعَلَّ مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَهُ زِيَادَةَ تَطَوُّعٍ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا لَيَالِيَ فَصَلَّوْهَا مَعَهُ، ثُمَّ تَأَخَّرَ وَصَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ بَاقِيَ الشَّهْرِ وَقَالَ: إنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ".

وَفِي الْبُخَارِيِّ " أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ التَّرَاوِيحَ " (يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْنِ، بِنِيَّةِ أَوَّلَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) لِحَدِيثِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» " فَيَنْوِي أَنَّهُمَا مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ (وَيُسْتَرَاحُ بَيْنَ) أَيْ: بَعْدَ (كُلِّ أَرْبَعِ) رَكَعَاتٍ، بِلَا دُعَاءٍ إذَنْ.

وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (وَلَا بَأْسَ) بِدُعَائِهِ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ وَلَا (بِزِيَادَةٍ) عَلَى الْعِشْرِينَ نَصًّا، وَقَالَ: رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ وَلَمْ يُقْضَ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: رَأَيْت أَبِي يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ مَا لَا أُحْصِي.

(وَوَقْتُهَا) أَيْ: التَّرَاوِيحِ (بَيْنَ سُنَّةِ عِشَاءٍ وَوِتْرٍ) لِأَنَّ سُنَّةَ الْعِشَاءِ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْمُخْتَار، فَإِتْبَاعُهَا بِهَا أَوْلَى وَأَشْبَهُ، وَالتَّرَاوِيحُ لَا يُكْرَهُ مَدُّهَا وَتَأْخِيرُهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَهِيَ بِالْوِتْرِ أَشْبَهُ فَلَا تَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ فَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالتَّرَاوِيحَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْعِشَاءِ مَا يُبْطِلُهَا أَعَادَ التَّرَاوِيحَ، وَلَهُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ سُنَّتِهَا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهَا أَيْضًا، لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) التَّرَاوِيحُ (بِمَسْجِدٍ) أَفْضَلُ مِنْهَا بِبَيْتٍ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةً، كَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَمَرَّةً ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَفَرِّقَةٍ، كَمَا رَوَاهُ ١٥٨٤ أَبُو ذَرٍّ وَقَالَ: «مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» " وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْزَاعًا فِي جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي عَهْدِهِ عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَإِقْرَارٍ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ، وَقَدْ أُمِنَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ.

(وَ) فِعْلُهَا (أَوَّلَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ) لِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ (وَ) السُّنَّةُ أَنْ (يُوتِرَ بَعْدَهَا) أَيْ: التَّرَاوِيحِ (فِي جَمَاعَةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَقَالَ: إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُوتِرَ (وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ، أَنْ يُوتِرَ بَعْدَهُ) لِحَدِيثِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحَبَّ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ قَامَ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ مِنْ وِتْرِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>