للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ.

(وَكُرِهَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ) عَلَى الضِّيقِ (أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يَنْقُصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ نَوْعُ إضْرَارٍ بِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ لِيَتَصَدَّقَ، لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ يَسْتَقْرِضُ، وَيُهْدِي لَهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الطَّبَقَاتِ.

(وَمَنْ مَيَّزَ شَيْئًا لِلصَّدَقَةِ) بِهِ (أَوْ وَكَّلَ فِيهِ) أَيْ الصَّدَقَةِ بِشَيْءٍ (ثُمَّ بَدَا لَهُ) أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهِ (سُنَّ) لَهُ (إمْضَاؤُهُ) مُخَالَفَةً لِلنَّفْسِ وَالشَّيَاطِينِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ ; لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ.

و (لَا) يُسَنُّ لَهُ (إبْدَالُ مَا أَعْطَى سَائِلًا فَسَخِطَهُ) فَإِنْ قَبَضَهُ وَسَخِطَهُ لَمْ يُعْطِ لِغَيْرِهِ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ فِي الْأَظْهَرِ: أَنَّ أَخْذَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ أَخَذَهَا سِرًّا أَوْلَى (وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ) وَغَيْرِهَا (كَبِيرَةٌ) عَلَى نَصِّهِ، الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ (وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِهِ) أَيْ: الْمَنِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤] قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ فِيهِ وَفِي إبْطَالِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْإِحْبَاطَ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَر السَّلَفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>