للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخُولِهِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالْفَرْضِ

وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَى هَذَا الطَّوَافِ، بَلْ الْمَشْرُوعُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِلزِّيَارَةِ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا فَلَمْ تَذْكُرْ طَوَافًا آخَرَ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي ذَكَرَتْهُ طَوَافَ الْقُدُومِ لَكَانَتْ أَخَلَّتْ بِذِكْرِ الرُّكْنِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إلَّا بِهِ وَذَكَرَتْ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رَجَبٍ (وَهِيَ) أَيْ الزِّيَارَةُ (الْإِفَاضَةُ) لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عِنْدَ إفَاضَتِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ، وَلَمَّا كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ وَلَا يُقِيمُ بِمَكَّةَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مِنًى سُمِّيَ أَيْضًا طَوَافَ الزِّيَارَةِ

(وَيُعَيِّنُهُ) أَيْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ (بِالنِّيَّةِ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَكَالصَّلَاةِ وَيَكُونُ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ كَذَلِكَ وَقَالَ لَنَا «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَهُوَ) أَيْ طَوَافُ الزِّيَارَةِ (رُكْنٌ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إلَّا بِهِ) إجْمَاعًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي حَيْضِ صَفِيَّةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(وَوَقْتُهُ) أَيْ أَوَّلُهُ " مِنْ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِمَنْ وَقَفَ " بِعَرَفَةَ قَبْلُ (وَإِلَّا) يَكُنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ (فَ) وَقْتُهُ (بَعْدَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ قَبْلَهُ.

(وَ) فِعْلُهُ (يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَفَاضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ (عَنْ أَيَّامِ مِنًى جَازَ) لِأَنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ (وَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ تَأْخِيرِ الطَّوَافِ (كَ) تَأْخِيرِ (السَّعْيِ) لِمَا سَبَقَ

(ثُمَّ يَسْعَى مُتَمَتِّعٌ) لِحَجِّهِ لِأَنَّ سَعْيَهُ الْأَوَّلَ كَانَ لِعُمْرَتِهِ (وَ) يَسْعَى (مَنْ لَمْ يَسْعَ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ) مِنْ مُفْرِدٍ وَقَارِنٍ، وَمَنْ سَعَى مِنْهُمَا لَمْ يُعِدْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّطَوُّعُ بِهِ كَسَائِرِ الْأَنْسَاكِ إلَّا الطَّوَافَ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ

(ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ وَيَتَضَلَّعُ مِنْهُ وَيَرُشُّ عَلَى بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ) لِحَدِيثِ «مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْت؟ قَالَ: مِنْ زَمْزَمَ قَالَ: فَشَرِبْتُ مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي؟ قَالَ فَكَيْفَ؟ قَالَ: إذَا شَرِبْت مِنْهَا فَاسْتَقْبِلْ الْكَعْبَةَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا مِنْ زَمْزَمَ وَتَضَلَّعْ مِنْهَا، فَإِذَا فَرَغْت مِنْهَا فَاحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَرِيًّا وَشِبَعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي وَامْلَأْهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>