للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَاسِلُ الْمَيِّتِ، مَنْ يُقَلِّبُهُ وَيُبَاشِرُهُ، لَا مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ وَنَحْوَهُ (السَّابِعُ: أَكْلُ لَحْمِ إبِلٍ) عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، نِيئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا، عَالِمًا بِالْحَدِيثِ أَوْ لَا. لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ أَحْمَدُ: فِيهِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.

قَالَ الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَدَعْوَى النَّسْخِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَرْدُودَةٌ.

وَقَدْ أَطَالَ فِيهِ فِي شَرْحِهِ وَ " إبِلٌ " بِكَسْرَتَيْنِ وَتُسَكَّنُ الْبَاءُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاحِدٌ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ. وَلَيْسَ بِجَمْعٍ وَلَا اسْمِ جَمْعٍ. وَجَمْعُهُ آبَالٌ (تَعَبُّدًا) فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ (فَلَا نَقْضَ) بِأَكْلِ مَا سِوَى لَحْمِ الْإِبِلِ مِنْ اللُّحُومِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُبَاحَةً أَوْ مُحَرَّمَةً وَلَا نَقْضَ (بِتَنَاوُلِ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا) أَيْ الْإِبِلِ، كَسَنَامِهَا وَقَلْبِهَا وَكَبِدِهَا وَطِحَالِهَا وَكَرِشِهَا وَمِصْرَانِهَا. لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا.

(وَ) لَا نَقْضَ أَيْضًا ب (شُرْبِ لَبَنِهَا وَ) شُرْبِ (مَرَقِ لَحْمِهَا) لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي اللَّحْمِ. وَالْحُكْمُ فِيهِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَاقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ) عَنْ الْإِسْلَامِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْإِيمَانَ فَوَجَبَ أَنْ تُبْطِلَ مَا هُوَ شَطْرُهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا مَعْنَى لِجَعْلِهَا مِنْ النَّوَاقِضِ، مَعَ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، يَعْنِي إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ، إذْ وُجُوبُ الْغُسْلِ مُلَازِمٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ، كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكُلُّ) (مَا أَوْجَبَ غُسْلًا) (غَيْرَ مَوْتٍ كَإِسْلَامٍ وَانْتِقَالِ مَنِيٍّ وَنَحْوِهِمَا) كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (أَوْجَبَ وُضُوءًا)

وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يَجِبُ وُضُوءُهُ، بَلْ يُسَنُّ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِنَحْوِ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَرَفَثٍ وَقَذْفٍ. نَصًّا، وَلَا بِقَهْقَهَةٍ بِحَالٍ. وَلَا بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ. لَكِنْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ.

وَحَدِيثُ الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا تَأْخُذُوا بِمَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَمَّنْ أَخَذَا. وَالْقَهْقَهَةُ: أَنْ يَضْحَكَ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ ضَحِكِهِ حَرْفَانِ.

ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (وَلَا نَقْضَ بِإِزَالَةِ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ) كَظُفْرٍ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَمَّا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْخُفِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>