للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ: إنْ خَافَ سَرِقَةً فَلَا بَأْسَ، وَيَحْرُمُ كَتْبُ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ بِنَجِسٍ. (وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُنُونِ: إنْ قَصَدَ بِكَتْبِهِ بِنَجَسِ إهَانَةً، فَالْوَاجِبُ قَتْلُهُ وَإِنْ كُتِبَا بِنَجَسٍ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ أَوْ تَنَجَّسَا وَجَبَ غَسْلُهُمَا (وَ) يَحْرُمُ كَتْبُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (بِحَيْثُ يُهَانُ) بِبَوْلِ حَيَوَانٍ، أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إجْمَاعًا، فَيَجِبُ إزَالَتُهُ وَيَحْرُمُ دَوْسُهُ وَدَوْسُ ذِكْرٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي تَعْلِيقُ شَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ يُهَانُ بِهِ.

وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ ذِكْرٌ أَوْ غَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي. وَكَرِهَ أَحْمَدُ شِرَاءَ ثَوْبٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَيُدَاسُ.

وَفِي الْبُخَارِيِّ " أَنَّ الصَّحَابَةَ حَرَقَتْهُ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - لِمَا جَمَعُوهُ ".

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ذَلِكَ لَصِيَانَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ. .

وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ دَفَنَ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ: إذَا بَلِيَ الْمُصْحَفُ وَانْدَرَسَ: دُفِنَ.

(وَكُرِهَ مَدُّ رِجْلٍ إلَيْهِ وَاسْتِدْبَارُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ، وَكَذَا كُتُبُ عِلْمٍ فِيهَا قُرْآنٌ تَعْظِيمًا (وَ) كُرِهَ (تَخَطِّيهِ) وَكَذَا رَمْيُهُ بِالْأَرْضِ بِلَا وَضْعٍ وَلَا حَاجَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّدِ أَشْبَهُ. وَقَدْ رَمَى رَجُلٌ بِكِتَابٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَغَضِبَ وَقَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ.

(وَ) كُرِهَ (تَحْلِيَتُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: يَحْرُمُ كَتْبُهُ بِذَهَبٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ زَخْرَفَةِ الْمَصَاحِفِ وَيُؤْمَرُ بِحَكِّهِ، فَإِنْ كَانَ يَجْتَمِعُ مِنْهُ مَا يُتَمَوَّلُ زَكَّاهُ.

قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُزَكِّيهِ إنْ كَانَ نِصَابًا. وَلَهُ حَكُّهُ وَأَخْذُهُ اهـ.

وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ كُتُبِ عِلْمٍ (وَيُبَاحُ تَطْيِيبُهُ وَاسْتَحَبَّهُ الْآمِدِيُّ) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ طَيَّبَ الْكَعْبَةَ، وَهِيَ دُونَهُ وَأَمَرَ بِتَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ. فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى (وَيُبَاحُ تَقْبِيلُهُ) لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْقُرْبُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَدْخَلٌ لَا يُسْتَحَبُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ، إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ عَنْ الْحَجَرِ " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ " وَأَنْكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَبَّلَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا. وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ لَا يُقَامُ لَهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَهُوَ أَحَقُّ

(وَ) تُبَاحُ (كِتَابَةُ آيَتَيْنِ فَأَقَلَّ إلَى كُفَّارٍ) قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْرِكِينَ

وَتَحْرُمُ مُخَالَفَةُ خَطِّ عُثْمَانَ فِي وَاوٍ وَيَاءٍ وَأَلِفٍ وَغَيْرِهَا نَصًّا.

وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا، وَمِنْ قِرَاءَتِهِ، وَتَمَلُّكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَهُ نَسْخُهُ بِدُونِ مَسٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>