للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِجَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (مِنْ قِرَاءَةِ آيَةٍ) فَأَكْثَرَ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْجُبُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ لَا يَحْجِزُهُ - عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ، لَيْسَ الْجَنَابَةَ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَاهُ.

وَ (لَا) يُمْنَعُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ (بَعْضِهَا) أَيْ بَعْضِ آيَةٍ، لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ (وَلَوْ كَرَّرَ) قِرَاءَةَ الْبَعْضِ (مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ) نَحْوُ الْجُنُبِ (عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ) بِأَنْ يُكَرِّرَ الْأَبْعَاضَ، تَحَيُّلًا عَلَى قِرَاءَةِ آيَةٍ فَأَكْثَرَ، فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ.

قَالَ (الْمُنَقِّحُ: مَا لَمْ تَكُنْ) الْآيَةُ (طَوِيلَةً) فَيَمْتَنِعَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا، كَآيَةِ الدَّيْنِ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ (تَهَجِّيهِ) أَيْ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ لَهُ. فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظْمِهِ وَإِعْجَازِهِ.

ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَلَهُ التَّفَكُّرُ فِيهِ (وَتَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوف) وَقِرَاءَةُ أَبْعَاضِ آيَةٍ مُتَوَالِيَةٍ، أَوْ آيَاتٍ سَكَتَ بَيْنَهَا طَوِيلًا. قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَ) لَهُ (قَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآنًا) مِنْ الْأَذْكَارِ (وَلَمْ يَقْصِدْهُ) أَيْ الْقُرْآنَ كَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَآيَاتِ الِاسْتِرْجَاعِ وَالرُّكُوبِ، فَإِنْ قَصَدَ حَرُمَ. وَكَذَا لَوْ قَرَأَ مَا لَا يُوَافِقُ ذِكْرًا وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ. وَلَهُ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ وَأَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاكِتٌ.

(وَ) لَهُ (ذِكْرُ) اللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» وَيَأْتِي

: يُكْرَهُ أَذَانُ جُنُبٍ (وَيَجُوزُ لِجُنُبٍ) وَكَافِرٍ أَسْلَمَ (وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا دُخُولُ مَسْجِدٍ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] وَهُوَ الطَّرِيقُ، وَعَنْ جَابِرٍ " كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتَازًا " رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.

وَسَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا. وَمِنْ الْحَاجَةِ كَوْنُهُ طَرِيقًا قَصِيرًا لَكِنْ كَرِهَ أَحْمَدُ اتِّخَاذَهُ طَرِيقًا. وَكَذَا يَجُوزُ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ دُخُولُ مَسْجِدٍ إذَا أَمِنَتَا تَلْوِيثَهُ. وَ (لَا) يَجُوزُ لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا (لُبْثٌ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (إلَّا بِوُضُوءٍ) فَإِنْ تَوَضَّئُوا جَازَ لَهُمْ اللُّبْثُ فِيهِ.

لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: " رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُونَ إذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ " إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ. وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يُخَفِّفُ الْحَدَثَ، فَيَزُولُ بَعْضُ مَا مَنَعَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ يَنَامُ غَيْرُهُ.

(فَإِنْ تَعَذَّرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>