للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فُكَّ حَجْرَهُ لِتَكْلِيفِهِ وَرُشْدِهِ]

فَصْلٌ: وَمَنْ فُكَّ حَجْرُهُ لِتَكْلِيفِهِ وَرُشْدِهِ (فَسَفِهَ) أَيْ صَارَ سَفِيهًا (أُعِيدَ) حَجْرُهُ لِدَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ عِلَّتِهِ، وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ (وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إلَّا حَاكِمٌ) لِاخْتِلَافِ التَّبْذِيرِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ثَانِيًا فَيَحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ، أَشْبَهَ الْحَجْرَ لِفَلَسٍ (كَمَنْ جُنَّ) بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إلَّا حَاكِمٌ وَكَذَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إذَا اخْتَلَّ عَقْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ

(وَلَا يَنْفَكُّ) الْحَجْرُ عَمَّنْ سَفِهَ وَنَحْوَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ (إلَّا بِحُكْمِهِ) ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِحُكْمِهِ، فَلَا يَنْفَكُّ إلَّا بِهِ كَحَجْرِ الْفَلَسِ

(وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الْبَالِغِ (بِلَا إذْنِ وَلِيُّهُ لِحَاجَةٍ) مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يُشْرَعْ لِقَصْدِ الْمَالِ وَمَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ يَكُونُ مَصْلَحَةً مَحْضَةً بِحَيْثُ يَصِحُّ تَزْوِيجُ وَلِيِّ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَنْ، فَصِحَّتُهُ مِنْ السَّفِيهِ إذَنْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْلَى،

وَ (لَا) يَصِحُّ (عِتْقُهُ) أَيْ السَّفِيهِ لِرَقِيقِهِ ; لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ أَشْبَهَ هِبَتَهُ وَوَقْفَهُ

(وَ) يَصِحُّ (تَزْوِيجُهُ) أَيْ تَزْوِيجُ وَلِيِّ السَّفِيهِ لَهُ (بِلَا إذْنِهِ) مَعَ سُكُوتِهِ (لِحَاجَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) لَهُ (إجْبَارُهُ) أَيْ السَّفِيهِ عَلَى النِّكَاحِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ (لِمَصْلَحَةٍ) كَإِجْبَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَ (كَسَفِيهَةٍ) فَلِوَلِيِّهَا إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ لِمَصْلَحَتِهَا (وَإِنْ أَذِنَ) لِسَفِيهٍ وَلِيُّهُ فِي تَزَوُّجٍ (لَمْ يَلْزَمْ تَعَيُّنُ الْمَرْأَةِ) فِي الْإِذْنِ أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ (وَيَتَقَيَّدُ) الْإِذْنُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ تَزَوَّجَ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ; لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ أَهْلًا لَهُ (وَيَلْزَمُ وَلِيًّا) لِسَفِيهٍ (زِيَادَةُ زَوْجٍ بِهَا) فَيَدْفَعُهَا مِنْ مَالِهِ لِتَعَدِّيهِ، وَ (لَا) تَلْزَمُهُ (زِيَادَةُ إذْنٍ فِيهَا) ; لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْهَا، وَوُجُودُ الْإِذْنِ كَعَدَمِهِ، وَلَا تَلْزَمُ أَيْضًا السَّفِيهَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِهِ

(وَإِنْ عَضَلَهُ) أَيْ مَنَعَ الْوَلِيُّ السَّفِيهَ أَنْ يَتَزَوَّجَ (اسْتَقَلَّ) بِهِ السَّفِيهُ، أَيْ فَيَصِحُّ بِدُونِ إذْنِهِ حَتَّى مَعَ عَضْلِهِ إيَّاهُ (فَلَوْ عَلِمَهُ) أَيْ السَّفِيهَ وَلِيٌّ (يُطَلِّقُ) إنْ زَوَّجَهُ (اشْتَرَى لَهُ أَمَةً) يَتَسَرَّى بِهَا وَعَلِمَ مِنْهُ صِحَّةَ طَلَاقِهِ دُونَ عِتْقِهِ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ إتْلَافًا، إذْ الزَّوْجَةُ لَا يَنْفُذُ بَيْعُ زَوْجِهَا وَلَا هِبَتُهُ لَهَا وَلَا تُورَثُ عَنْهُ لَوْ مَاتَ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ بِخِلَافِ أَمَتِهِ، وَغُرْمُ الشَّاهِدَيْنِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعَا نِصْفُ الْمُسَمَّى إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَفْوِيتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِإِيقَاعِ الْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا مَالًا كَرُجُوعِ مَنْ شَهِدَ بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَقَوْلُهُ: أَخْطَأْتُ فَالْعَبْدُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فَالسَّفِيهُ أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>