للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسَبِ الْفَحْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ; وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَاءُ الَّذِي يُخَلَّفُ مِنْهُ الْوَلَدُ وَهُوَ عَيْنٌ فَيُشْبِهُ إجَارَةَ الْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَا قِيمَةَ لَهُ. فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ جَازَ بَذْلُ الْكِرَاءِ وَلَيْسَ لِلْمُطْرِقِ أَخْذُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ أَطْرَقَ فَحْلَهُ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ وَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا فَجَازَتْ مُجَازَاتُهُ عَلَيْهِ.

(أَوْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ (دَارٍ لِتُعْمَلَ كَنِيسَةً) أَوْ بِيعَةً أَوْ صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ (أَوْ بَيْتَ نَارٍ) لِتَعَبُّدِ الْمَجُوسِ (أَوْ لِبَيْعِ خَمْرٍ) أَوْ الْقِمَارِ وَنَحْوِهِ. سَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ عُلِمَ بِقَرِينَةٍ ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فَلَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَإِجَارَةِ عَبْدِهِ لِلْفُجُورِ بِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ دَارًا وَأَرَادَ بَيْعَ الْخَمْرِ بِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ ; لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.

(أَوْ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ (لِحَمْلِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا) كَدِمَاءٍ مُحَرَّمَةٍ (لِأَكْلِهَا لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ) إلَيْهِ (أَوْ) لِحَمْلِ (خَمْرٍ لِشُرْبِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) ; لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ فَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْمَيْتَةِ لِأَكْلِ مُضْطَرٍّ إلَيْهَا صَحَّتْ.

(وَتَصِحُّ) إجَارَةٌ لِحَمْلِ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ (لِإِلْقَاءٍ وَإِرَاقَةٍ) ; لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا تَنْدَفِعُ بِدُونِ إبَاحَةِ الْإِجَارَةِ كَكَنْسِ الْكُنُفِ وَحَمْلِ النَّجَاسَاتِ لِتُلْقَى خَارِجَ الْبَلَدِ. وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِإِلْقَاءِ مَيْتَةٍ بِشَعْرٍ عَلَى جِلْدِهَا. إنْ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَمَنْ أَعْطَى صَيَّادًا أُجْرَةً لِيَصِيدَ لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ بِشَبَكَتِهِ قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ.

(وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (عَلَى طَيْرٍ لِسَمَاعِهِ) أَيْ: سَمَاعِ صَوْتِهِ ; لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً وَلَا مَقْدُورَ عَلَى تَسْلِيمِهَا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيحُ وَلَا يَصِيحُ.

(وَتَصِحُّ) إجَارَةُ طَيْرٍ (لِصَيْدٍ) كَصَقْرٍ وَبَازٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً ; لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مُتَقَوِّمٌ.

(وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (عَلَى تُفَّاحَةٍ لِشَمٍّ) ; لِأَنَّ نَفْعَهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ ; لِأَنَّ مَنْ غَصَبَ تُفَّاحًا فَشَمَّهُ وَرَدَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةُ شَمِّهِ.

(أَوْ) عَلَى (شَمْعٍ لِتَجَمُّلٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) عَلَى شَمْعٍ ل (شَعْلٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَكْلٍ) أَوْ شَرَابٍ لِشُرْبٍ أَوْ صَابُونٍ لِغَسْلٍ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنِهَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَمْعًا لِيُشْعِلَ مِنْهُ مَا شَاءَ وَيَرُدَّ بَقِيَّتَهُ وَثَمَنَ الذَّاهِبِ وَأُجْرَةَ الْبَاقِي لَمْ يَصِحَّ. لِشُمُولِهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ فَيَلْزَمُ الْجَهْلُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدَانِ.

(أَوْ) عَلَى (حَيَوَانٍ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (لِأَخْذِ لَبَنِهِ) أَوْ صُوفِهِ أَوْ شَعْرِهِ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ النَّفْعُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْعَيْنُ، وَهِيَ لَا تُمَلَّكُ وَلَا تُسْتَحَقُّ بِإِجَارَةٍ وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الشَّمْعِ لِشَعْلِهِ وَالْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ (غَيْرِ ظِئْرٍ) أَيْ: آدَمِيَّةٍ مُرْضِعَةٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>