للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِعَارَةِ وَلَا فَائِدَةَ لِمُسْتَعِيرٍ فِيهِ. أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ (وَلَا) يَضْمَنُ مُسْتَعِيرٌ (زِيَادَةً) حَدَثَتْ فِي مُعَارَةٍ (عِنْدَهُ) لِعَدَمِ وُرُودِ عَقْدِ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهَا. فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْعَقْدِ، بِأَنْ كَانَتْ سَمِينَةً فَهَزَلَتْ عِنْدَ مُسْتَعِيرٍ ضَمِنَ نَقْصَهَا (كَ) مَا لَا يَضْمَنُ (مُؤَجَّرَةً) وَلَا وَلَدَهَا وَلَا زِيَادَتَهَا ; لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ (بِلَا قَيْدٍ) مِنْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ. فَإِنْ تَعَدَّيَا ضَمِنَا (وَلَا) تُضْمَنُ (هِيَ) أَيْ: الْعَارِيَّةُ (أَوْ جُزْؤُهَا بِاسْتِعْمَالٍ بِمَعْرُوفٍ) كَحَمْلِ مِنْشَفَةٍ أَوْ قَطِيفَةٍ وَكَثَوْبٍ بَلِيَ بِاللُّبْسِ ; لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي الْإِتْلَافِ بِهِ. وَمَا أُذِنَ فِي إتْلَافِهِ لَا يُضْمَنُ كَالْمَنَافِعِ. فَإِنْ حَمَلَ فِي الثَّوْبِ تُرَابًا فَتَلِفَ بِهِ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِهِ، وَإِنْ جَرَحَ ظَهْرَ الدَّابَّةِ بِالْحَمْلِ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.

(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْتَعِيرٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ) الِاسْتِعْمَالَ بِالْمَعْرُوفِ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُسْتَعِيرِ (مُؤْنَةُ رَدِّهَا) أَيْ: الْعَارِيَّةِ. لِحَدِيثِ «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ» " وَحَدِيثِ " «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» " وَ (كَمَغْصُوبٍ) بِجَامِعِ أَنَّهُ قَبَضَهَا لَا لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهَا فَيَرُدُّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى رَدِّهَا إلَى غَيْرِهِ.

وَ (لَا) يَجِبُ عَلَى مُسْتَعِيرٍ (مُؤْنَتُهَا) أَيْ: الْعَارِيَّةِ مِنْ انْتِفَاعِهِ بِهَا (عِنْدَهُ) بَلْ هِيَ عَلَى مَالِكِهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ (وَيَبْرَأُ) مُسْتَعِيرٌ (بِرَدِّ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا) مِنْ الْعَوَارِيّ (إلَى مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ) أَيْ: الْإِنْسَانِ (بِهِ) أَيْ: الرَّدِّ (عَلَى يَدِهِ كَسَائِسِ) الدَّابَّةِ (وَخَازِنٍ وَزَوْجَةٍ وَوَكِيلٍ عَامٍّ) لِمَالِكٍ (فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ) ; لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ نُطْقًا. (وَلَا) يَبْرَأُ مُسْتَعِيرٌ (بِرَدِّهَا) أَيْ: الدَّابَّةِ (إلَى إصْطَبْلِهِ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (أَوْ) إلَى (غُلَامِهِ) أَيْ: خَادِمِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَلَا إلَى نَائِبِهِ فِيهِ، كَرَدِّ السَّارِقِ مَا سَرَقَهُ إلَى الْحِرْزِ.

(وَمَنْ سَلَّمَ لِشَرِيكِهِ الدَّابَّةَ) الْمُشْتَرَكَةَ لِيَحْفَظَهَا بِلَا اسْتِعْمَالٍ (فَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ لَمْ يَضْمَنْ) ; لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَكَعَارِيَّةٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَظِيرِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا أَوْ تَنَاوُبِهِ مَعَهُ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا بِلَا إذْنٍ فَغَصْبٌ. (تَتِمَّةٌ) يَجِبُ رَدُّ عَارِيَّةً بِطَلَبِ مَالِكٍ وَبِانْقِضَاءِ الْغَرَضِ مِنْهَا، وَبِانْتِهَاءِ التَّأْقِيتِ، وَبِمَوْتِ مُعِيرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ. فَإِنْ أَخَّرَ الرَّدَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>