للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الرزاق عن معر: كان يثبج الحديث ".

أي: يخلط في روايته ولا ياتي بالحديث سليما على وجهه.

وهي كلمة نادرة الاستعمال على ألسنتهم، وممن استعملها غير معمر: الامام أحمد رحمه الله، ففي " مسائل أبي داود للامام أحمد " - المسائل الحديثية - أواخر " باب أهل البصرة " السطر التاسع من الورقة ١٤ من أصل ١٦ ورقة، قال أبو داود: " سمعت أحمد قيل له: روح أحب إليك أو أبو عاصم؟ قال: كان روح يخرج الكتاب، وأبو عاصم يثبج الحديث ".

وجائت كلمة " يثبج " واضحة تماما، نقطت جميع حروفها مع قدم النسخة، فانها مكتوبة " في شهر ربيع الآخر سنة أربعمائة ".

وقد ترحفت هذه الكلمة على ابن عدي - على تقدمه في هذا الفن -.

فقد روى في " الكامل " ١: ٣١٤ كلام البخاري هذا عن شيخه تلميذ البخاري: ابن حماد - وهو الدولابي صاحب " الكنى " - وجاء عنده هذا اللفظ: " قال معمر: كان يضع الحديث "! !.

ثم روى كلمة معمر هذه من طريق الاثرم عن المام أحمد، وجاء في المطبوع منه: " كان ينتج

الحديث ".

وما أره إلا تحريفا مطبعيا، صوابه: يثبج، كما ياتي.

أما التحريف الاول فليس مطبعيا، بل اللفظ المطبوع - " كان يضع الحديث " - هو اللفظ الذي كتبه ابن عدي بدليل نقل الذهبي له في " الميزان " ١

٨٩٥) ، وهذا لفظه: " قال ابن عدي: قال البخاري: قال معمر: كان يضع الحديث.

وقال عبد الرزاق: قلت لمعمر: ما لك لم ترو عن ابن شروس؟ قال: كان يثبج الحديث ".

فكلمة معمر هي هي في رواية البخاري وأحمد، وتحرفت على ابن عدي في نسخته من " التاريخ الكبير " إلى: يضع، وسلمت في نسخته من رواية الاثرم عن أحمد.

وزاد الطين بلة، والتحريف سقما: أن اذلهبي رحمه الله قال في " المغني " ١

٦٧٢) : " كذاب، قاله معمرا ".

فتصرف في نقلها عن ابن عدي الذي تحرفت عليه، فتحولت من " يثبج، إلى: يضع، إلى: كذاب.

وقال في " ديوان الضعفاء " له

٤١٢) : " كذاب " ولم ينسبه إلى قائل.

فانطمس الامر، وضاع الصواب، وازدوج التريف، وصعب كشف الحقيقة، ولا سبيل إلى ذل إلا بالرجوع إلى المصادر الاولى المحققة باتقان ودقة.

أما أن أرجع إلى " الميزان " وأعتبره أصلا في كل شئ: فلا، بل لا بد من الرجوع إلى أصوله، ومن أهم أصوله " الكامل "، و " الكامل " ياخذ عن ابن معين وأحمد والبخاري كثيرا - وياخذ عن غيرهم قليلا - فلا بد من الرجوع إلى أصوله هذه أيضا، إذ لولا السير وراء هذه السلسلة لما انكشف مثل هذا الامر الخطير!.

وإلا فمن الذي يعارض هذا التوارد الكثير: الذهبي في " الميزان " و " المغني " و " الديوان "، وابن حجر في " اللسان " ١: ٤١١ وسبط ابن العجمي في " الكشف الحثيث "

١٤٥) ، وابن عراق في " تنزيه الشريعة " ١: ٣٩؟ !.

<<  <  ج: ص:  >  >>