للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوَبٍ عَوَامِلِ

قَالُوا: مَعْنَاهُ لَمْ يَكْتَرِثْ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا دَنَا نِتَاجُهَا: قَدْ أَرْجَتْ تُرْجِي إِرْجَاءً.

وَأَمَّا الْآخَرُ فَالرَّجَا، مَقْصُورٌ: النَّاحِيَةُ مِنَ الْبِئْرِ; وَكُلُّ نَاحِيَةٍ رَجًا. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة: ١٧] . وَالتَّثْنِيَةُ الرَّجَوَانِ. قَالَ:

فَلَا يُرْمَى بِيَ الرَّجَوَانِ إِنِّي ... أَقَلُّ النَّاسِ مَنْ يُغْنِي غَنَائِي

وَأَمَّا الْمَهْمُوزُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ. يُقَالُ أَرْجَأْتُ الشَّيْءَ: أَخَّرْتَهُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: ٥١] ; وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمُرْجِئَةُ.

قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: أَرْجَأَتْ.

(رَجَبَ) الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى دَعْمِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَتَقْوِيَتِهِ. مِنْ ذَلِكَ التَّرْجِيبُ، وَهُوَ أَنْ تُدْعَمَ الشَّجَرَةُ إِذَا كَثُرَ حَمْلُهَا، لِئَلَّا تَنْكَسِرَ أَغْصَانُهَا. وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ: " أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ " يُرِيدُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى رَأْيِهِ كَمَا تُعَوِّلُ النَّخْلَةُ عَلَى الرُّجْبَةِ الَّتِي عُمِدَتْ بِهَا.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: رَجَّبْتُ الشَّيْءَ، أَيْ عَظَّمْتُهُ. كَأَنَّكَ جَعَلْتَهُ عُمْدَةً تُعْمِدُهُ لِأَمْرِكَ، يُقَالُ إِنَّهُ لَمُرَجَّبٌ. وَالَّذِي حَكَاهُ الشَّيْبَانِيُّ يَقْرُبُ مِنْ هَذَا; قَالَ: الرَّجْبُ: الْهَيْبَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>