للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَثَّ) الْبَاءُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ تَفْرِيقُ الشَّيْءِ وَإِظْهَارُهُ; يُقَالُ: بَثُّوا الْخَيْلَ فِي الْغَارَةِ. وَبَثَّ الصَّيَّادُ كِلَابَهُ عَلَى الصَّيْدِ. قَالَ النَّابِغَةُ:

فَبَثَّهُنَّ عَلَيْهِ وَاسْتَمَرَّ بِهِ ... صُمْعُ الْكُعُوبِ بَرِيئَاتٌ مِنَ الْحَرَدِ

وَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ وَبَثَّهُمْ فِي الْأَرْضِ لِمَعَاشِهِمْ. وَإِذَا بُسِطَ الْمَتَاعُ بِنَوَاحِي الْبَيْتِ وَالدَّارِ فَهُوَ مَبْثُوثٌ. وَفِي الْقُرْآنِ: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: ١٦] ، أَيْ: كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: تَمْرٌ بَثٌّ، أَيْ: مُتَفَرِّقٌ لَمْ يَجْمَعْهُ كَنْزٌ. قَالَ: وَبَثَثْتُ الطَّعَامَ وَالتَّمْرَ: إِذَا قَلَّبْتُهُ وَأَلْقَيْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَبَثَثْتُ الْحَدِيثَ، أَيْ: نَشَرْتُهُ. وَأَمَّا الْبَثُّ مِنَ الْحُزْنِ فَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ شَيْءٌ يُشْتَكَى وَيُبَثُّ وَيُظْهَرُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مَنْ قَالَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] . قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: أَبَثَّ فُلَانٌ شُقُورَهُ وَفُقُورَهُ إِلَى فُلَانٍ يُبِثُّ إِبْثَاثًا. وَالْإِبْثَاثُ أَنْ يَشْكُوَ إِلَيْهِ فَقْرَهُ وَضَيْعَتَهُ. قَالَ:

وَأَبْكِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أُبِثُّهُ ... تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ وَمَلَاعِبُهْ

وَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: " وَاللَّهِ لَقَدْ أَطْعَمْتُكَ مَأْدُومِي، وَأَبْثَثْتُكَ مَكْتُومِي، بِاهِلًا غَيْرَ ذَاتِ صِرَارٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>