للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلِمَةٌ تَكُونُ آخِذَةً مِنْهُمَا جَمِيعًا بِحَظٍّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْخَلِيلُ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَيْعَلَ الرَّجُلُ، إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى. وَمِنَ الشَّيْءِ الَّذِي كَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: عَبْشَمِيٌّ. وَقَوْلُهُ:

تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ

فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ بَنَيْنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَقَايِيسِ الرُّبَاعِيِّ، فَنَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَنْحُوتُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَالضَّرْبُ الْآخَرُ [الْمَوْضُوعُ] وَضْعًا لَا مَجَالَ لَهُ فِي طُرُقِ الْقِيَاسِ. وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ.

فَمِمَّا جَاءَ مَنْحُوتًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي الرُّبَاعِيِّ أَوَّلُهُ بَاءٌ.

(الْبُلْعُومُ) مَجْرَى الطَّعَامِ فِي الْحَلْقِ. وَقَدْ يُحْذَفُ فَيُقَالُ بُلْعُمٌ. وَغَيْرُ مُشْكِلٍ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ بَلِعَ، إِلَّا أَنَّهُ زِيدَ عَلَيْهِ مَا زِيدَ لِجِنْسٍ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي مَعْنَاهُ. وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (بُحْتُرٌ) وَهُوَ الْقَصِيرُ الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقُ. فَهَذَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، مِنَ الْبَاءِ وَالتَّاءِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ بَتَرْتُهُ فَبُتِرَ، كَأَنَّهُ حُرِمَ الطُّولَ فَبُتِرَ خَلْقُهُ. وَالْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ الْحَاءُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ، هُوَ مِنْ حَتَرْتُ وَأَحْتَرْتُ، وَذَلِكَ أَنْ لَا تُفْضِلَ عَلَى أَحَدٍ. يُقَالُ أَحْتَرَ عَلَى نَفْسِهِ [وَعِيَالِهِ] أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ. فَقَدْ صَارَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقَصِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطَ مَا أُعْطِيَهُ الطَّوِيلُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (بَحْثَرْتُ) الشَّيْءَ، إِذَا بَدَّدْتُهُ. وَالْبَحْثَرَةُ: الْكَدَرُ فِي الْمَاءِ. وَهَذِهِ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: مِنْ بَحَثْتُ الشَّيْءَ فِي التُّرَابِ - وَقَدْ فُسِّرَ فِي الثُّلَاثِيِّ -

<<  <  ج: ص:  >  >>