للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ الْحَرِيسَةَ هِيَ الْمَحْرُوسَةُ. فَيَقُولُ: " [لَيْسَ] فِيمَا يُحْرَسُ بِالْجَبَلِ قَطْعٌ " لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ.

(حَرَشَ) الْحَاءُ وَالرَّاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَرَوْعُ الْبَابِ. وَهُوَ الْأَثَرُ وَالتَّحْزِيزُ. فَالْحَرْشُ الْأَثَرُ وَمِنْهُ سُمِّي الرَّجُلُ حِرَاشًا. وَلِذَلِكَ يُسَمُّونَ الدِّينَارَ أَحْرَشَ لِأَنَّ فِيهِ خُشُونَةً. وَيُسَمُّونَ الضَّبَّ أَحْرَشَ ; لِأَنَّ فِي جِلْدِهِ خُشُونَةً وَتَحْزِيزًا.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَرَشْتُ [الضَّبَّ] ، وَذَلِكَ أَنْ تَمْسَحَ جُحْرَهُ وَتُحَرِّكَ يَدَكَ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهَا حَيَّةً فَيُخْرِجُ ذَنْبَهُ فَتَأْخُذَهُ. وَذَلِكَ الْمَسْحُ لَهُ أَثَرٌ. فَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَالْحَرِيشُ: نَوْعٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَرْقَطُ. وَرُبَّمَا قَالُوا حَيَّةٌ حَرْشَاءُ، كَمَا يَقُولُونَ رَقْطَاءُ قَالَ:

بِحَرْشَاءَ مِطْحَانٍ كَأَنَّ فَحِيحَهَا ... إِذَا فَزِعَتْ مَاءٌ هُرِيقَ عَلَى جَمْرِ

وَالْحَرْشَاءُ: حَبَّةٌ تَنْبُتُ شَبِيهَةٌ بِالْخَرْدَلِ. قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

وَانْحَتَّ مِنْ حَرْشَاءَ فَلْجٍ خَرْدَلَهْ

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ حَرَّشْتُ بَيْنَهُمْ، إِذَا أَغْرَيْتَ وَأَلْقَيْتَ الْعَدَاوَةَ، فَهُوَ مِنَ الْبَابِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ كَتَحْزِيزٍ يَقَعُ فِي الصُّدُورِ وَالْقُلُوبِ.

وَمِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمُ النُّقْبَةَ، وَهِيَ أَوَّلُ الْجَرَبِ يَبْدُو، حَرْشَاءَ. يُقَالُ نُقْبَةٌ حَرْشَاءُ، وَهِيَ الْبَاثِرَةُ الَّتِي لَمْ تُطْلَ. وَأَنْشَدَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>