للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ أَصْلًا، قَوْلُ الْخَلِيلِ فِي كِتَابِهِ: وَأَمَّا قَوْلُ رُؤْبَةَ:

وَقُوَّلٌ إِلَّا دَهٍ فَلَا دَهِ

فَإِنَّهُ يُقَالُ إِنَّهَا فَارِسِيَّةٌ، حَكَى قَوْلَ دَايَتِهِ. وَالَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ فَعَلَى مَا تَرَاهُ، بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: دَهٍ كَلِمَةٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِهَا، إِذَا رَأَى أَحَدُهُمْ ثَأْرَهُ يَقُولُ لَهُ: " يَا فُلَانُ إِلَّا دَهٍ فَلَا دَهٍ "، أَيْ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَثْأَرْ بِهِ الْآنَ لَمْ تَثْأَرْ بِهِ أَبَدًا، وَفِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.

(دَوَّ) الدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ بَعْدَهَا أَوِ الْمَهْمُوزُ قَرِيبٌ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ. فَالدَّوُّ، وَالدَّوِّيَّةُ الْمَفَازَةُ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخَالِيَ فِيهَا يَسْمَعُ كَالدَّوِيِّ، فَقَدْ عَادَ الْأَمْرُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْوَاتَ لَا تُقَاسُ. قَالَ الشَّاعِرُ فِي الدَّوِّيَّةِ:

وَدَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تَمَشَّى نَعَامُهَا ... كَمَشْيِ النَّصَارَى فِي خِفَافِ الْيَرَنْدَجِ

وَمِنَ الْبَابِ الدَّأْدَأَةُ: السَّيْرُ السَّرِيعُ. وَالدَّأْدَأَةُ: صَوْتُ وَقْعِ الْحِجَارَةِ فِي الْمَسِيلِ. فَأَمَّا الدَّآدِئُ فَهِيَ ثَلَاثُ لَيَالٍ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، قَبْلَ لَيَالِي الْمِحَاقِ. فَلَهُ قِيَاسٌ صَحِيحٌ; لِأَنَّ كُلَّ إِنَاءٍ قَارَبَ أَنْ يَمْتَلِئَ فَقَدْ تَدَأْدَأَ. وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللَّيَالِي تَكُونُ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>