للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَتَلْتَهُ لَقَتَلْتَ فَاسِقًا فَاجِرًا كَافِرًا غَادِرًا!

وَلِبَثَ شَرِيكٌ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ.

فَلَمَّا عَلِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ شَرِيكًا كَانَ حَرَّضَ مُسْلِمًا عَلَى قَتْلِهِ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُصَلِّي عَلَى جِنَازَةِ عِرَاقِيٍّ أَبَدًا، وَلَوْلَا أَنَّ قَبْرَ زِيَادٍ فِيهِمْ لَنَبَشْتُ شَرِيكًا.

ثُمَّ إِنَّ مَوْلَى ابْنِ زِيَادٍ الَّذِي دَسَّهُ بِالْمَالِ اخْتَلَفَ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ بَعْدَ مَوْتِ شَرِيكٍ، فَأَدْخَلَهُ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ فَأَخَذَ بَيْعَتَهُ وَقَبَضَ مَالَهُ وَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ وَيَعْلَمُ أَسْرَارَهَمْ، وَيَنْقِلُهَا إِلَى ابْنِ زِيَادٍ.

وَكَانَ هَانِئٌ قَدِ انْقَطَعَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ، فَدَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ وَأَسْمَاءَ بْنَ خَارِجَةَ، وَقِيلَ: دَعَا مَعَهُمَا بِعَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ الزُّبَيْدِيِّ فَسَأَلَهُمْ عَنْ هَانِئٍ وَانْقِطَاعِهِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ مَرِيضٌ.

فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يَجْلِسَ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَقَدْ بَرَأَ، فَالْقَوْهُ فَمُرُوهُ أَنْ لَا يَدَعَ مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.

فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ الْأَمِيرَ قَدْ سَأَلَ عَنْكَ وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ شَاكٍ لَعُدْتُهُ، وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّكَ تَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِكَ، وَقَدِ اسْتَبْطَأَكَ، وَالْجَفَاءُ لَا يَحْتَمِلُهُ السُّلْطَانُ، أَقْسَمْنَا عَلَيْكَ لَوْ رَكِبْتَ مَعَنَا.

فَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَرَكِبَ مَعَهُمْ.

فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَصْرِ أَحَسَّتْ نَفْسُهُ بِالشَّرِّ فَقَالَ لِحَسَّانَ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي لِهَذَا الرَّجُلِ لَخَائِفٌ، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ: مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ شَيْئًا فَلَا تَجْعَلْ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَسْمَاءُ مِمَّا كَانَ شَيْئًا.

وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ فَإِنَّهُ عَلِمَ بِهِ، قَالَ: فَدَخَلَ الْقَوْمُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ وَهَانِئٌ مَعَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ لِشُرَيْحٍ الْقَاضِي: أَتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ:

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ

وَكَانَ ابْنُ زِيَادٍ مُكْرِمًا لَهُ، فَقَالَ هَانِئٌ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: يَا هَانِئُ مَا هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي تَرَبَّصُ فِي دَارِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ! جِئْتَ بِمُسْلِمٍ فَأَدْخَلْتَهُ دَارَكَ وَجَمَعْتَ لَهُ السِّلَاحَ وَالرِّجَالَ وَظَنَنْتَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَيَّ! قَالَ: مَا فَعَلْتُ.

قَالَ: بَلَى.

وَطَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>