للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَأُتْرَكُ مُلْكَ الرَّيِّ وَالرَّيُّ رَغْبَةٌ ... أَمْ أَرْجِعُ مَذْمُومًا بِقَتْلِ حُسَيْنِ

وَفِي قَتْلِهِ النَّارُ الَّتِي لَيْسَ دُونَهَا ... حِجَابٌ وَمُلْكُ الرَّيِّ قُرَّةُ عَيْنِ

ثُمَّ أَتَى ابْنَ زِيَادٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ قَدْ وَلَّيْتَنِي هَذَا الْعَمَلَ وَسَمِعَ النَّاسُ بِهِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَنْفُذَ لِي ذَلِكَ فَافْعَلْ وَابْعَثْ إِلَى الْحُسَيْنِ مِنْ أَشْرَافِ الْكُوفَةِ مَنْ لَسْتُ أَغْنَى فِي الْحَرْبِ مِنْهُ، وَسَمَّى أُنَاسًا.

فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: لَسْتُ أَسْتَأْمِرُكَ فِيمَنْ أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ، فَإِنْ سَرْتَ بِجُنْدِنَا وَإِلَّا فَابْعَثْ إِلَيْنَا بِعَهْدِنَا.

قَالَ: فَإِنِّي سَائِرٌ.

فَأَقْبَلَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ حَتَّى نَزَلَ بِالْحُسَيْنِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ بَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولًا يَسْأَلُهُ مَا الَّذِي جَاءَ بِهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَهْلُ مِصْرِكُمْ هَذَا أَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا إِذْ كَرِهُونِي فَإِنِّي أَنْصَرِفُ عَنْهُمْ.

فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَأَ ابْنُ زِيَادٍ الْكِتَابَ قَالَ:

الْآنَ إِذْ عَلَقَتْ مَخَالِبُنَا بِهِ ... يَرْجُو النَّجَاةَ {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ

} [ص: ٣]

ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَى الْحُسَيْنِ بَيْعَةَ يَزِيدَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَأَيْنَا رَأْيَنَا، وَأَنْ يَمْنَعَهُ وَمَنْ مَعَهُ الْمَاءَ.

فَأَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ عَلَى خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ، فَنَزَلُوا عَلَى الشَّرِيعَةِ وَحَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَبَيْنَ الْمَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَنَادَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحُصَيْنِ الْأَزْدِيُّ وَعِدَادُهُ فِي بُجَيْلَةَ: يَا حُسَيْنُ أَمَا تَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ؟ لَا تَذُوقُ مِنْهُ قَطْرَةً حَتَّى تَمُوتَ عَطَشًا! فَقَالَ الْحُسَيْنُ: اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشًا وَلَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَدًا.

قَالَ: فَمَرِضَ فِيمَا بَعْدُ فَكَانَ يَشْرَبُ (الْمَاءَ) الْقُلَّةَ ثُمَّ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَبْغَرَ ثُمَّ يَقِيءُ ثُمَّ يَشْرَبُ فِيمَا يُرْوَى، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ.

فَلَمَّا اشْتَدَّ الْعَطَشُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ أَمَرَ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ فَسَارَ فِي عِشْرِينَ رَاجِلًا يَحْمِلُونَ الْقِرَبَ وَثَلَاثِينَ فَارِسًا فَدَنَوْا مِنَ الْمَاءِ فَقَاتَلُوا عَلَيْهِ وَمَلَئُوا الْقِرَبَ وَعَادُوا، ثُمَّ بَعَثَ الْحُسَيْنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَمْرَو بْنَ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>